الثالث عشر : الحمل على التقية :
إن كل شئ لا يعلم إلا من جهة المعصوم عليهالسلام لا تجوز فيه التقية ، وأما ما يجوز له منها فهو كل ما لا يتنافى ومقام التبليغ والتعليم والهداية إلى الحق ، ويكفي في ذلك انحصار وصول الحق إلى طائفة دون أخرى ، كما لو اتقى المعصوم عليهالسلام من شرار الناس تأليفا لقلوبهم ، أو على فئة لحفظهم كما في الاتقاء ، ونحو هذا من المصالح العائدة إلى المتقي أو المتقى عليه ثم بين عليهالسلام وجه الحق لأهل بيته ، أو لمن يثق به من أصحابه ، أو على أقل تقدير لمن لا يخشى من مغبة مفاتحته بالحقيقة ، لكي لا يكون ما خالفها تقية هو السنة المتبعة.
وهذا هو ما حصل فعلا في جميع أخبار التقية التي فرضتها الظروف السياسية حينذاك على لسان الأئمة عليهمالسلام.
ولكن قد يقال بأن الأخبار التي صدرت تقية كما أفاد محدثو وفقهاء الشيعة لم يصل بشأن الكثير منها إعلام من الأئمة عليهمالسلام بأنها صدرت على نحو التقية ، فكيف والحال هذه يتم تمييزها عن غيرها من الأحاديث التي صدرت بنحو الإرادة الجدية؟!
والجواب : إنه ليس من الواجب أن يعلم الإمام عليهالسلام من يثق به بأنه اتقى من فلان وفلان في مسألة كذا وكذا ، بل الواجب هو بيان الحكم الواقعي لتلك المسائل التي اتقى فيها ، وبهذا يكون قد أعلم المقربين إليه أو من يأمن بوائقهم بواقع الحال ، وهم عليهم ـ بعد ذلك ـ أن يميزوا خبر التقية عن غيره وفق قواعد التمييز التي سنها أهل البيت عليهمالسلام أنفسهم في