وما يعنينا هنا ، هو أن كلام الشيخ قدسسره ينطوي على مراجعته لجميع ما في كتب الحديث وأصوله ومصنفاته الكثيرة الواصلة إليه ، وإلا كيف يقول : «وليس مأخوذا من جهة الأثر» من دون التأكد من مراجعة موارد الأثر؟!
وعلى أية حال ، فإن المهم هنا هو تسجيل ما يدل بصراحة على دوره العظيم في خدمة الحديث الشريف ، لا سيما الحديث المختلف ، وذلك من خلال تيسير سبل تأويله وكيفية الجمع بين مداليل ما اختلف واتفق ، وهو ما سنبينه في الفقرات الآتية :
أولا : بيان معاني الأخبار :
ربما يظن حصول التعارض بين جملة من الأخبار بسبب سوء فهم دلالاتها ، مع أنها في الواقع متفقة غير مختلفة.
ومن هنا نجد الشيخ الطوسي قدسسره قد أولى هذا النوع من الأخبار عناية خاصة ، إذ بين ما يكتنفه من غموض وأزال الالتباس المؤدي إلى الظن باختلاف وتناقض تلك الأخبار.
فغايته إذا من بيان المعنى لجملة من الأخبار إزالة ذلك الالتباس والقضاء عليه ، ولا شك أن فهم الخبر على وجهه يتطلب معرفة واسعة في اللغة ودلالات الألفاظ ، فضلا عن التضلع بالحديث دراية ورواية.
وهناك أمثلة شتى في التهذيبين شاهدة على عناية الشيخ بهذا الجانب ، نذكر منها ما أخرجه في باب وجوب الحج بسنده عن أبي عبد الله عليهالسلام ، أنه قال :