وعمر ، ولكنهما لما لم يجدا هذا المنع عند رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، أرجعا المنع إلى علل اخترعوها ، وصرحوا بأن النهي يرجع إليهم ، كقول عمر : «وإني لا ألبس كتاب الله ...» وقول أبي بكر عن الاختلاف : «والناس بعدكم أشد اختلافا» ، وغيره.
وبما أنه لم يصدر عن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم في التدوين نهي شرعي ، ولا مجوز في الإتلاف ، بقيت ذمة عمر بن الخطاب مشغولة لإتلافه مال الآخرين وتراث أمة كبيرة ، فإنه لم يصح منع رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم من تدوين حديثه ، ولا أمره بحرق مدونات الآخرين؟! وقد وقفت على النقول الكثيرة عنه صلىاللهعليهوآلهوسلم الداعية إلى لزوم تعليم الحاضر للغائب ، وقوله : «رب حامل فقه إلى من هو أفقه منه» ، ودعوته إلى حفظ حديثه : «من حفظ أربعين حديثا عني ..» وتأكيده على العلم والتعليم ، وجعله صلىاللهعليهوآلهوسلم فداء الأسرى تعليم الكتابة ، وغيرها من النصوص الدالة على اكتناز أحاديث الرسول.
نعم ، صار الدفن والحرق والإماثة ـ في الزمن اللاحق ـ أصولا شرعية يسير عليها صغار التابعين وبقية المسلمين ، وذلك لما سنه الشيخان من النهي عن حديث رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وذلك بعد أن وضعوا أحاديث على لسان رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم تؤكد لزوم طاعتهم ، وبعد هذا فلا بد من الأخذ بسيرتهما وإن خالفا النص القرآني والحديث المتواتر! بدعوى أنهما أعلم بالسنة من غيرهما!!
وبهذا فقد اتضح أن هناك نهجين :
الأول : يستقي المواقف من النصوص ـ قرآنية كانت أم نبوية ـ.
الثاني : يؤصل أصولا طبق المواقف!!
ونحن قد أطلقنا على الأول اسم (التعبد المحض) وعلى الثاني