(وَلَمْ تَكُنْ لَهُ فِئَةٌ يَنْصُرُونَهُ مِنْ دُونِ اللهِ وَما كانَ مُنْتَصِراً (٤٣) هُنالِكَ الْوَلايَةُ لِلَّهِ الْحَقِّ هُوَ خَيْرٌ ثَواباً وَخَيْرٌ عُقْباً (٤٤) وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلَ الْحَياةِ الدُّنْيا كَماءٍ أَنْزَلْناهُ مِنَ السَّماءِ فَاخْتَلَطَ بِهِ نَباتُ الْأَرْضِ فَأَصْبَحَ هَشِيماً تَذْرُوهُ الرِّياحُ وَكانَ اللهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ مُقْتَدِراً) (٤٥)
____________________________________
مما يمكن صيانته عن طوارق الحدثان وقد صرفه إلى مصالحها رجاء أن يتمتع بها أكثر مما يتمتع به وكان يرى أنه لا تنالها أيدى الردى ولذلك قال ما أظن أن تبيد هذه أبدا فلما ظهر له أنها مما يعتريه الهلاك ندم* على ما صنع بناء على الزعم الفاسد من إنفاق ما يمكن ادخاره فى مثل هذا الشىء السريع الزوال (وَهِيَ) * أى الجنة من الأعناب المحفوفة بنخل (خاوِيَةٌ) ساقطة (عَلى عُرُوشِها) أى دعائمها المصنوعة للكروم لسقوطها قبل سقوطها وتخصيص حالها بالذكر دون النخل والزرع إما لأنها العمدة وهما من متممانها وإما لأن ذكر هلاكها مغن عن ذكر هلاك الباقى لأنها حيث هلكت وهى مشيدة بعروشها فهلاك ما عداها بالطريق الأولى وإما لأن الإنفاق فى عمارتها أكثر وقيل أرسل الله تعالى عليها نارا فأحرقتها وغار ماؤها* (وَيَقُولُ) عطف على يقلب أو حال من ضميره أى وهو يقول (يا لَيْتَنِي لَمْ أُشْرِكْ بِرَبِّي أَحَداً) كأنه تذكر موعظة أخيه وعلم أنه إنما أتى من قبل شركه فتمنى لو لم يكن مشركا فلم يصبه ما أصابه قبل ويحتمل أن يكون ذلك توبة من الشرك وندما على ما فرط منه (وَلَمْ تَكُنْ لَهُ) وقرىء بالياء التحتانية (فِئَةٌ يَنْصُرُونَهُ) يقدرون على نصره بدفع الإهلاك أو على رد المهلك أو الإتيان بمثله وجمع الضمير باعتبار المعنى كما فى قوله عز وعلا* (يَرَوْنَهُمْ مِثْلَيْهِمْ (مِنْ دُونِ اللهِ) فإنه القادر على ذلك وحده (وَما كانَ) فى نفسه (مُنْتَصِراً) ممتنعا بقوته عن انتقامه سبحانه (هُنالِكَ) فى ذلك المقام وفى تلك الحال (الْوَلايَةُ لِلَّهِ الْحَقِّ) أى النصرة له وحده لا يقدر عليها أحد فهو تقرير لما قبله أو ينصر فيها أولياءه المؤمنين على الكفرة كما نصر بما فعل بالكافر أخاه المؤمن* ويعضده قوله تعالى (هُوَ خَيْرٌ ثَواباً وَخَيْرٌ عُقْباً) أى لأوليائه وقرىء الولاية بكسر الواو ومعناه الملك والسلطان أى هنالك السلطان له عزوجل لا يغلب ولا يمتنع منه أولا يعبد غيره كقوله تعالى (فَإِذا رَكِبُوا فِي الْفُلْكِ دَعَوُا اللهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ) فيكون تنبيها على أن قوله (يا لَيْتَنِي لَمْ أُشْرِكْ) الخ كان عن اضطرار وجزع عما دهاه على أسلوب قوله تعالى (آلْآنَ وَقَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ وَكُنْتَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ) وقيل هنالك إشارة إلى الآخرة كقوله تعالى (لِمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ لِلَّهِ الْواحِدِ الْقَهَّارِ) وقرىء برفع الحق على أنه صفة للولاية وبنصبه على أنه مصدر مؤكد وقرىء عقبا بضم القاف وعقبى كرجعى والكل بمعنى العاقبة (وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلَ الْحَياةِ الدُّنْيا) أى واذكر لهم ما يشبهها فى زهرتها ونضارتها وسرعة زوالها لئلا يطمئنوا بها ولا يعكفوا عليها ولا يضربوا عن الآخرة صفحا* بالمرة أو بين لهم صفتها العجيبة التى هى فى الغرابة كالمثل (كَماءٍ) استئناف لبيان المثل أى هى كماء (أَنْزَلْناهُ مِنَ السَّماءِ) ويجوز كونه مفعولا ثانيا لا ضرب على أنه بمعنى صير (فَاخْتَلَطَ بِهِ) اشتبك بسبيه (نَباتُ