(ماكِثِينَ فِيهِ أَبَداً (٣) وَيُنْذِرَ الَّذِينَ قالُوا اتَّخَذَ اللهُ وَلَداً (٤) ما لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ وَلا لِآبائِهِمْ كَبُرَتْ كَلِمَةً تَخْرُجُ مِنْ أَفْواهِهِمْ إِنْ يَقُولُونَ إِلاَّ كَذِباً) (٥)
____________________________________
المفعول الثانى وأن الأول ظاهر لا حاجة إلى ذكره أى أنزل الكتاب لينذر بما فيه الذين كفروا به (بَأْساً) * أى عذابا (شَدِيداً مِنْ لَدُنْهُ) أى صادرا من عنده نازلا من قبله بمقابلة كفرهم وتكذيبهم وقرىء من لدنه* بسكون الدال مع إشمام الضمة وكسر النون لالتقاء الساكنين وكسر الهاء للإتباع (وَيُبَشِّرَ) بالتشديد وقرىء* بالتخفيف (الْمُؤْمِنِينَ) أى المصدقين به (الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحاتِ) الأعمال الصالحة التى بينت فى تضاعيفه* وإيثار صيغة الاستقبال فى الصلة للإشعار بتجدد الأعمال الصالحة واستمرارها وإجراء الموصول على موصوفه المذكور لما أن مدار قبول الأعمال هو الإيمان (أَنَّ لَهُمْ) أى بأن لهم بمقابلة إيمانهم وأعمالهم* المذكورة (أَجْراً حَسَناً) هو الجنة وما فيها من المثوبات الحسنى (ماكِثِينَ) حال من الضمير المجرور فى لهم (فِيهِ) أى فى ذلك الأجر (أَبَداً) من غير انتهاء أى خالدين فيه وهو نصب على الظرفية لماكثين وتقديم* الإنذار على التبشير لإظهار كمال العناية بزجر الكفار عما هم عليه مع مراعاة تقديم التخلية على التحلية وتكرير الإنذار بقوله تعالى (وَيُنْذِرَ الَّذِينَ قالُوا اتَّخَذَ اللهُ وَلَداً) متعلقا بفرقة خاصة ممن عمه الإنذار السابق من مستحقى البأس الشديد للإيذان بكمال فظاعة حالهم لغاية شناعة كفرهم وضلالهم أى وينذر من بين سائر الكفرة هؤلاء المتفوهين بمثل هاتيك العظيمة خاصة وهم كفار العرب الذين يقولون الملائكة بنات الله تعالى واليهود القائلون عزبر ابن الله والنصارى القائلون المسيح ابن الله وترك إجراء الموصول على الموصوف كما فعل فى قوله تعالى (وَيُبَشِّرَ الْمُؤْمِنِينَ) للإيذان بكفاية ما فى حين الصلة فى الكفر على أقبح الوجوه وإيثار صيغة الماضى فى الصلة للدلالة على تحقق صدور تلك الكلمة القبيحة عنهم فيما سبق وجعل المفعول المحذوف فيما سلف عبارة عن هذه الطائفة يؤدى إلى خروج سائر أصناف الكفرة عن الإنذار والوعيد وتعميم الإنذار هناك للمؤمنين أيضا بحمله على معنى مجرد الإخبار بالخبر الضار من غير اعتبار حلول المنذر به على المنذر كما فى قوله تعالى (أَنْ أَنْذِرِ النَّاسَ وَبَشِّرِ الَّذِينَ آمَنُوا) يفضى إلى خلو النظم الكريم عن الدلالة على حلول البأس الشديد على من عدا هذه الفرقة ويجوز أن يكون الفاعل فى الأفعال الثلاثة ضمير الكتاب أو ضمير الرسول صلىاللهعليهوسلم (ما لَهُمْ بِهِ) أى باتخاذه سبحانه وتعالى ولدا (مِنْ عِلْمٍ) مرفوع على الابتداء أو* الفاعلية لاعتماد الظرف ومن مزيدة لتأكيد النفى والجملة حالية أو مستأنفة لبيان حالهم فى مقالهم أى مالهم بذلك شىء من علم أصلا لا لإخلالهم بطريقه مع تحقق المعلوم أو إمكانه بل لاستحالته فى نفسه (وَلا لِآبائِهِمْ) الذين قلدوهم فتاهوا جميعا فى تيه الجهالة والضلالة أو ما لهم علم بما قالوه أهو صواب أم خطأ بل إنما قالوه رميا عن عمى وجهالة من غير فكر وروية كما فى قوله تعالى (وَخَرَقُوا لَهُ بَنِينَ وَبَناتٍ بِغَيْرِ عِلْمٍ) أو بحقيقة ما قالوه وبعظم رتبته فى الشناعة كما فى قوله تعالى (وَقالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمنُ وَلَداً لَقَدْ جِئْتُمْ شَيْئاً إِدًّا تَكادُ السَّماواتُ