فلذلك قدمه وصلى خلفه ، ولولا ذلك لم يسعه الاقتداء بالإمام (١).
ثم بين تقدم المهدي في الجهاد ، فراجع ثمة إن شئت.
الثالث : أنه لا قول للمهدي إلا بمشورة عيسى ، بناء على أنه من وزرائه (٢).
والجواب : أنه لو سلم ـ مع ما فيه من مخالفة ظاهر الحديث ـ فغاية ما يدل عليه : أن المهدي عليهالسلام لا يقطع أمرا إلا بمشورة المسيح بن مريم عليهماالسلام ـ وهذا مبني على القول بأنه من وزرائه ، وهو غير ثابت ـ وذلك لا ينافي كون مآل الأمر إلى المهدي عليه الصلاة والسلام ، فإنه إذا عزم على أمر توكل على الله تعالى وفعله كما كان ذلك شأن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم مع أصحابه.
مضافا إلى عصمته المطلقة ـ وقد تقدم الكلام على ذلك آنفا ـ فلا يحتاج إلى مشورة عيسى عليهالسلام بالأصالة ، بحيث لولاها لما نفذ له قول ولا أمر ، لمكان تلك العصمة والتسديد من الله تعالى ، وإنما هي ـ أعني المشورة على تقدير ثبوتها ـ سياسة أدبية منه مع عيسى بن مريم عليهالسلام ، وهذا لا ضير فيه ، ولا يقدح في شئ من أمر المهدي عليه الصلاة والسلام وإمامته وتقدمه على جميع أهل عصره ، ووجوب طاعته كالنبي صلىاللهعليهوآلهوسلم حذو القذة بالقذة ، كما لا يخفى.
* * *
__________________
(١) البيان : ٢١.
(٢) مشارق الأنوار في فوز أهل الاعتبار ـ المطبوع ضمن موسوعة الإمام المهدي عليهالسلام عند أهل السنة ٢ / ٦٢ ـ : ١١٥.