الثاني : أن المراد بذلك أنه لا مهدي كاملا معصوما إلا ابن مريم عليهماالسلام.
وفيه : أن المهدي عليه الصلاة والسلام معصوم أيضا كالمسيح بن مريم.
أما على مذهب أهل الحق فظاهر غاية الظهور.
وأما على مذهب مخالفيهم : فإن أريد عصمته في الأحكام فإن ذلك حاصل له.
قال الشيخ محيي الدين ابن عربي في الفتوحات المكية (١) : إنه يحكم بما ألقى إليه ملك الإلهام من الشريعة ، وذلك بأن يلهمه الشرع المحمدي فيحكم به كما أشار إليه حديث : «المهدي يقفو أثري لا يخطئ» فعرفنا صلىاللهعليهوآلهوسلم أنه متبع لا مبتدع ، وأنه معصوم في حكمه ، إذ لا معنى للمعصوم في الحكم إلا أنه لا يخطئ ، وحكم الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم لا يخطئ ، فإنه (لا ينطق عن الهوى * إن هو إلا وحي يوحى) (٢) وقد أخبر عن المهدي أنه لا يخطئ ، وجعله ملحقا بالأنبياء في ذلك الحكم.
قلت :
وقضية كونه خليفة رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم أن يثبت له ما كان ثابتا له صلىاللهعليهوآلهوسلم في الجملة ، ومنه العصمة في الأحكام ، وهذا ظاهر جلي ، فلا وجه لتخصيص العصمة بعيسى بن مريم.
__________________
(١) الفتوحات المكية ـ المطبوع ضمن موسوعة الإمام المهدي عليهالسلام عند أهل السنة ١ / ١١١ ـ ج ٣ الباب ٣٦٦.
(٢) سورة النجم ٥٣ : ٤ و ٥.