فشيئا ، ويبلغ كل منهما في الزعامة مبلغا لم يكن يحدث له في البال ، وأن يسكنا معا بلدة أصفهان ، ويتزعما بها في وقت واحد ، ولم تكن الرئاسة لتكدر صفو ذلك الود الخالص ، أو تؤثر مثقال ذرة ، فكلما زادت سطوة أحدهما زاد اتصالا ورغبة بصاحبه ، وقد بلغت زعامة المترجم مبلغا عظيما ، فكان يقيم الحدود الشرعية ويجريها بيده أو يد من يأمره بلا خشية ولا خوف ، وقد أحصى بعضهم عدد المجرمين الذي لاقوا حتفهم على يديه طبقا للآداب الشرعية ...» (١).
عبادته وخشوعه :
قال الشيخ عباس القمي نقلا عن كتاب تكملة أمل الآمل : «حجة الإسلام السيد محمد باقر كان عالما ربانيا روحانيا ممن عرف حلال آل محمد صلىاللهعليهوآله وحرامهم وسيد أحكامهم ، وخالف هواه ، واتبع أمر مولاه ، كان دائم المراقبة لربه ، لا يشغله شئ عن الحضور والمراقبة» (٢).
وقال : «حدثني والدي رحمهالله أن آماق عين السيد كانت مجروحة من كثرة بكائه في تهجده.
وحدثني بعض خواصه ، قال : خرجت معه إلى بعض قراه فبتنا في الطريق ، فقال لي : ألا تنام؟! فأخذت مضجعي فظن أني نمت ، فقام يصلي ، فوالله إني رأيت فرائصه وأعضاءه ترتعد بحيث كان يكرر الكلمة مرارا من شدة حركة فكيه وأعضائه حتى ينطق بها صحيحة.
وحدثني بعض الأجلة الثقات ، قال : كان من شدة حضور قلبه بين
__________________
(١) الكرام البررة ٢ / ١٩٤ من القسم الأول.
(٢) الفوائد الرضوية : ٤٢٩.