منها ، كما أنه ابتدأ به عند عد مؤلفاته في الفهرست ، زيادة على أنه شرع بتأليفه في حياة أستاذه الشيخ المفيد أبان فترة تلمذته عليه كما هو ظاهر من نقل عبارات الشيخ المفيد في كتابه المقنعة مقرونة بالدعاء له والتأييد ، كما في سائر العبارات المنقولة عنه في الجزء الأول وبداية الثاني من التهذيب ، ثم بدأ بالترحم على روح شيخه المفيد قدسسره في باب فرض الصلاة في السفر (١) ، وهكذا إلى آخر الكتاب ، وهذا يعني وفاة الأستاذ والشيخ بعد لم يتم كتاب الصلاة.
وبما أن عمره يوم وفاة أستاذه المفيد ثمانية وعشرون عاما ـ وهو لا يكفي لأكثر من التهذيب مع التلمذة ـ ، فيعلم منه أنه شرع في تأليف التهذيب وهو دون هذا السن ، ولكن لا يعلم بالضبط في أية سنة من السنوات الخمس التي قضاها تحت رعاية الشيخ المفيد ، ولعل احتمال السنة الأولى ، أو الثانية هو الأرجح من السنوات الثلاث الأخر ، بلحاظ ما يتقدم ـ عادة ـ على التصنيف من وقت كثير لجمع مادته ، وهو غالبا ما يستنزف الجهد الكثير لتتبع المصادر ، لا سيما إذا كان مشروع البحث الحديث ، لكثرة موارده وشوارده ، فكيف لو كان الأمر متعلقا بكتاب مثل التهذيب ، الذي لم يكن مجرد شرح لمتن فقهي ، وإنما كان لأغراض وأهداف كبيرة ، لم يتصد لها أحد من علماء الشيعة قبل زمان الشيخ قط؟!
وعلى هذا يمكن القول : بأن الشيخ انطلق نحو أفق التأليف ليحلق عاليا جدا في سمائه ، وهو دون الخامسة والعشرين ، وكان التهذيب بداية الانطلاق.
__________________
(١) أنظر : تهذيب الأحكام ٢ / ١٢ باب رقم ٢ ، أول الباب.