الصغير (١) مع أن السيوطي لم يعزه في الجامع إلا للترمذي ، وهذا من فرط جهله المطبق ، وكم له في حكمه على الأحاديث من تناقضات بينة ، ومجازفات غير هينة ، ولكن يكفي من القلادة ما أحاط بالعنق ، والله المستعان.
وكأنه قلد في ذلك أبا العباس ابن تيمية الحراني ـ عليه من الله ما يستحق ـ إذ قال في حديث «أنا مدينة العلم وعلي بابها ..» : هذا حديث ضعيف بل موضوع عند أهل المعرفة بالحديث ، لكن قد رواه الترمذي وغيره ، ومع هذا فكذب (٢). انتهى.
قلت :
فانظر ـ يرحمك الله ـ إلى هذا الشقي المخذول كيف ضعف الحديث أولا ، ثم ترقى إلى إبطاله والحكم بوضعه ، وجل نواصب العصر عيال على هذا الشيخ الضال ، يتعبدون ببواطيله ، ويتشبثون بأضاليله ، ويحسبونها وحيا منزلا (ألا ساء ما يزرون) (٣).
وما هذه إلا نزعة ناصبية مقيتة درج عليها أولياء الشيطان إلى هذا العهد ، فلا تراهم يتوقفون في إبطال ما ورد في فضل أمير المؤمنين عليهالسلام ولو بلغ الحديث مبلغ التواتر ، ومن تتبع صنيعهم في ذلك رأى العجب العجاب ، وقد مر عليك قول الذهبي في حديث الباب ـ إذ لم يجد في سنده مغمزا ولله الحمد ـ : «ما أدري من وضعه؟!» ، فلا حول ولا قوة إلا بالله العلي
__________________
(١) ضعيف الجامع الصغير : ١٨٩.
(٢) الأحاديث الموضوعة : ٤٠.
(٣) سورة النحل ١٦ : ٢٥.