فنقول ـ وبالله تعالى التوفيق ـ :
إن رواية الشعبي عن علي عليهالسلام ثابتة عند القوم بلا ريب ، كما في حديث رجم شراحة الهمدانية الذي أخرجه البخاري في صحيحه (١) ، وقد جزموا باتصاله لثبوت اللقاء ، وكونه على عهد علي عليهالسلام قد ناهز العشرين سنة ، فجاز أن يكون قد سمع حديث الباب أيضا من علي عليهالسلام فيحمل على الاتصال ، ويبطل قول الدارقطني : إنه لم يسمع من علي عليهالسلام غير الحديث المذكور (٢).
ومما يعكر على دعوى الدارقطني ، أن الشعبي روى عن خلائق من الصحابة ـ كما يعلم ذلك من ترجمته في تهذيب الكمال ـ بل قد حكي عنه أنه قال : أدركت خمسمائة من أصحاب رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم يقولون : علي وطلحة والزبير في الجنة (٣).
فيبعد حينئذ أن لا يكون قد سمع من علي عليهالسلام سوى حديثه في الرجم ، مع ثبوت لقائه وسماعه ، وكونه في سن التحمل ، فتأمل.
ولو تنزلنا ، فإن المرسل إذا أسند من وجه آخر دل ذلك على صحته ـ كما هو مختار الشافعي (٤) ـ وقد عرفت أن هذا الحديث مخرج من وجه آخر بإسناد متصل صحيح.
بل إن حديث الشعبي لو لم يسند من وجه آخر ، لكان صحيحا
__________________
(١) صحيح البخاري ٨ / ٢٠٤ ، فتح الباري ٢٣ / ٢٩٠ ح ١١ ، كتاب المحاربين من أهل الكفر والردة ـ باب رجم المحصن. التبيان ١ / ١٦ ـ ١٧ من المقدمة.
(٢) فتح الباري ١٢ / ١٢١ ، تهذيب التهذيب ٣ / ٤٨.
(٣) تهذيب الكمال ١٤ / ٣٤ ، تهذيب التهذيب ٣ / ٤٧.
(٤) جامع التحصيل في أحكام المراسيل : ٣٧.