فقال له الحسين : «قل ، يا أخي! ما بدا لك»؟ فقال : اشير عليك أن تتنحى بنفسك عن يزيد بن معاوية ، وعن الأمصار ما استطعت ، وأن تبعث رسلك إلى الناس فتدعوهم إلى بيعتك ، فإن بايعك الناس حمدت الله على ذلك ، وقمت فيهم بما كان يقومه رسول الله ، والخلفاء الراشدون المهديون من بعده ، حتى يتوفاك الله وهو عنك راض ، والمؤمنون عنك راضون ، كما رضوا عن أبيك وأخيك ، وإن اجتمع الناس على غيرك حمدت الله على ذلك وسكت ولزمت منزلك ، فإني خائف عليك أن تدخل مصرا من الأمصار ، أو تأتي جماعة من النّاس فيقتتلون ، فتكون طائفة منهم معك ، وطائفة عليك فتقتل بينهم.
فقال له الحسين : «يا أخي! فإلى أين أذهب»؟ قال : تخرج إلى مكة فإن اطمأنت بك الدار بها ، فذاك الذي تحب ، وإن تكن الاخرى خرجت إلى ـ بلاد اليمن ـ فإنهم أنصار جدك وأبيك وأخيك ، وهم أرأف وأرق قلوبا ، وأوسع الناس بلادا ، وأرجحهم عقولا ، فإن اطمأنت بك ـ أرض اليمن ـ فذاك ، وإلّا لحقت بالرمال ، وشعوب الجبال ، وصرت من بلد إلى بلد ، حتى تنظر ما يؤول إليه أمر الناس ، ويحكم الله بيننا وبين القوم الفاسقين.
فقال له الحسين : «يا أخي! والله ، لو لم يكن في الدنيا ملجأ ولا مأوى ، لما بايعت يزيد بن معاوية ، قد قال النبي صلىاللهعليهوآله : اللهمّ! لا تبارك في يزيد ، فقطع محمد الكلام وبكى ، فبكى معه الحسين ساعة ، ثم قال : «يا أخي! جزاك الله عني خيرا ، فلقد نصحت ، وأشرت بالصواب ، وأرجو أن يكون رأيك موفقا مسددا ، وأنا عازم على الخروج إلى مكة ، وقد تهيأت لذلك : أنا وإخوتي وبنو أخي وشيعتي ، ممن أمرهم أمري ورأيهم رأيي ، وأما أنت ، يا أخي! فلا عليك أن تقيم في ـ المدينة ـ فتكون لي عينا عليهم ،