وهذا كتاب أمير
المؤمنين يزيد.
فقال الحسين : «إنا
لله وإنا إليه راجعون ، وعظّم الله لك الأجر أيها الأمير! ، ولكن لما ذا دعوتني»؟
فقال : دعوتك للبيعة التي قد اجتمع الناس عليها ، فقال الحسين : «أيها الأمير! إنّ
مثلي لا يعطي بيعته سرا ، وإنما يجب أن تكون البيعة علانية بحضرة الجماعة ، فإذا
دعوت النّاس غدا إلى البيعة دعوتنا معهم ، فيكون الأمر واحدا» ، فقال الوليد : أبا
عبد الله! والله ، لقد قلت فأحسنت القول ، وأجبت جواب مثلك ، وهكذا كان ظني بك ،
فانصرف راشدا ، وتأتينا غدا مع النّاس.
فقال مروان : أيها
الأمير! إن فارقك الساعة ولم يبايع ، فإنك لم تقدر منه على مثلها أبدا ، حتّى تكثر
القتلى بينك وبينه ، فاحبسه عندك ، ولا تدعه يخرج ، أو يبايع وإلا فاضرب عنقه.
فالتفتّ إليه
الحسين وقال : «ويلي عليك ، يا ابن الزرقاء! أتأمر بضرب عنقي ، كذبت والله ، ولؤمت
، والله لو رام ذلك أحد لسقيت الأرض من دمه قبل ذلك ، فإن شئت ذلك فرم أنت ضرب
عنقي إن كنت صادقا» ثمّ أقبل الحسين على الوليد ، فقال : «أيها الأمير! إنّا أهل
بيت النبوّة ، ومعدن الرسالة ؛ ومختلف الملائكة ؛ ومهبط الرحمة ؛ بنا فتح الله
وبنا ختم ؛ ويزيد رجل فاسق شارب خمر ؛ قاتل نفس ؛ معلن بالفسق ، فمثلي لا يبايع
لمثله ولكن نصبح وتصبحون ؛ وننظر وتنظرون أينا أحق بالخلافة والبيعة»؟
قال : وسمع من
بالباب صوت الحسين ، وقد علا فهمّوا أن يقتحموا عليهم بالسيوف ، ولكن خرج إليهم
الحسين ، فأمرهم بالانصراف إلى منازلهم ، وذهب إلى منزله.
فقال مروان للوليد
: عصيتني أيها الأمير! حتى أفلت الحسين من