الحذاء البالية خيرا ألف مرّة من الملك ، والسّلطان إلّا أن يقيم حقّا ، أو يدفع باطلا» (١) ، أمّا هذا الملاك الّذي لا يشبه أحدا ، ولا يشبهه أحد من النّاس ، فلا يصحّ في حقّه شيء من مقاييس النّاس الّتي تقوم على الأطماع ، والتهالك على الحطام.
وخير كلمة قرأتها في الإعتذار عن صفح الإمام عن أعدائه ، واستخفافه بالملك ما قاله الأستاذ جرداق : «أنّ الّذين يعترضون على الإمام يريدونه أن يكون معاوية بن سفيان ، ويأبى هو إلّا أن يكون عليّ بن أبي طالب» (٢).
وهكذا أراد أتباع يزيد ومن على شاكلته أرادوا أن يكون الحسين كابن سعد وابن زياد حين طلبوا منه أن يبايع يزيد ، ويأبى هو إلّا أن يكون الحسين بن عليّ ، وإلّا أن يحمل روح أبيه بين جنبيه ، وإلّا أن يرى الموت سعادة ، والحياة مع الظّالمين ندما.
قال له قيس بن الأشعث يوم الطّفّ : انزل على حكم بني عمّك ، فإنّهم لم يروك إلّا ما تحبّ. فقال له الحسين : «لا والله ، لا أعطيهم بيدي إعطاء الذّليل ، ولا أقرّ إقرار العبيد. عباد الله : (إِنِّي عُذْتُ بِرَبِّي وَرَبِّكُمْ أَنْ تَرْجُمُونِ) (٣). (إِنِّي عُذْتُ بِرَبِّي وَرَبِّكُمْ مِنْ كُلِّ مُتَكَبِّرٍ لا يُؤْمِنُ بِيَوْمِ الْحِسابِ) (٤) ، ألا وإنّ الدّعي ابن الدّعي قد ركز بين اثنتين : بين السّلة والذّلّة ، وهيهات منّا الذّلّة ، يأبى الله لنا ذلك ، ورسوله ، والمؤمنون ، وجدود طابت ، وحجور طهرت ، وأنوف حميّة ، ونفوس أبيّة لا تؤثر
__________________
(١) انظر ، نهج البلاغة : الخطبة «٣٣»
(٢) انظر ، عليّ صوت العدالة الإنسانية : ٤ / ٧٧٥.
(٣) الدّخان : ٢٠.
(٤) غافر : ٢٧.