ولما تفرق الناس
عن مسلم طال الأمر على ابن زياد وجعل لا يسمع لأصحاب ابن عقيل صوتا كما كان يسمع
اولا ، فقال لأصحابه : اشرفوا فانظروا هل ترون منهم أحدا فأشرفوا فلم يجدوا أحدا ،
قال : فانظروهم لعلهم تحت الظلال قد كمنوا لكم ، فنزعوا الأخشاب من سقف المسجد وجعلوا
يخفضون بشعل النار في ايديهم وينظرون وكانت أحيانا تضيء لهم وتارة لا تضيء كما
يريدون ، فدلوا القناديل وأطنان القصب تشد بالحبال ثم تجعل فيها النيران ثم تدلى
حتى تنتهي الى الأرض ، ففعلوا ذلك في أقصى الظلال وأدناها وأوسطها فلا يرون أحدا
حتى فعل ذلك بالظلة التي فيها المنبر ، فلما لم يروا شيئا اعلموا ابن زياد بتفرق
القوم ، ففتح باب السدة التي في المسجد ثم خرج فصعد المنبر وخرج اصحابه معه وأمرهم
فجلسوا قبيل العتمة ، وأمر عمر بن نافع فنادى الا برئت الذمة من رجل من الشرط أو العرفاء والمناكب أو المقاتلة صلّى العتمة الا في المسجد ، فلم يكن الا ساعة
حتى امتلأ المسجد من الناس ، ثم أمر مناديه فأقام الصلاة وأقام الحرس خلفه ،
وأمرهم بحراسته من أن يدخل اليه من يغتاله وصلى بالناس ، ثم صعد المنبر فحمد الله
وأثنى عليه ثم قال :
__________________