بل الذي ورد في السنة المطهرة ، وعمل وبه جميع العلماء ، إسباغ الوضوء (١). وهو : المبالغة في الغسل وتكريره.
ولو كانت الأرجل ممّا تغسل ، لكان ينبغي أن يكون الإسباغ فيها ،
__________________
(١) في حاشية ر : قال البخاري في صحيحه ، في أوائل كتاب الوضوء : قال ابن عمر : إسباغ الوضوء : الانقاء.
حدثنا عبد الله بن سلمة ، عن مالك ، عن موسى بن عقبة ، عن كريب مولى ابن عباس ، عن أسامة بن زيد ، أنه سمعه يقول : دفع رسول الله (صلىاللهعليهوآلهوسلم) من عرفة ، حتى إذا كان بالشعب ، نزل فبال ثم توضأ ، ولم يسبغ الوضوء. فقلت : الصلاة يا رسول الله ، فقال : الصلاة أمامك ، فركب ، فلما جاء مزدلفة ، نزل فتوضأ ، فأسبغ الوضوء. فأقيمت الصلاة ... إلى آخر الحديث.
وروى مؤلف المشكاة في الفصل الثاني من باب سنن الوضوء ، عن لقيط بن صبرة ، قال : قلت : يا رسول الله أخبرني عن الوضوء؟ قال : أسبغ الوضوء ، وخلل بين الأصابع ، وبالغ في الاستنشاق ، إلا أن تكون صائما .. الحديث.
قال الشيخ الطيبي : قوله : (أخبرني عن الوضوء). التعريف فيه للعهد الذهني ، وهو ما اشتهر بين المسلمين وتعورف عندهم ، إن الوضوء ما هو فيكون (كذا) الاستخبار عن أمر زائد على ما عرفه ، فلذلك قال (صلىاللهعليهوآلهوسلم) : (أسبغ الوضوء) ، أي : إكماله بإيصال الماء من فوق الغرة إلى تحت الحنك طولا ، ومن الأذن إلى الأذن عرضا ، مع المبالغة في الاستنشاق والمضمضة ، هذا في الوجه ، وأما في اليدين والرجلين ، فإيصال الماء إلى فوق المرافق والكعبين ، مع تخليل كل واحد من أصابع اليدين والرجلين ، انتهى. منه سلمه الله.
أنظر : صحيح البخاري ١ / ٤٧ باب إسباغ الوضوء.
هذا ، وبإزاء العبارة (قال ابن عمر : إسباغ الوضوء : الانقاء) ـ المذكورة في صدر الحاشية ـ ورد في حاشية ر ما نصه :
قوله : (الانقاء). قال الشيخ القسطلاني : وكان ابن عمر يغسل رجليه في الوضوء سبع مرات ، كما رواه ابن المنذر بسند صحيح ، وإنما بالغ فيها دون غيرهما ، لكونهما محلا للأوساخ غالبا ، لاعتيادهم المشي حفاة.
واستشكل بما تقدم من أن الزيادة على الثلاث ظلم وتعد.
وأجيب : بأنه في من لم ير الثلاث سنة ، أما إذا رآها وزاد على أنه من باب الوضوء يكون نورا على نور ، انتهى. منه سلمه الله.
أنظر : إرشاد الساري ـ للقسطلاني ـ ٢ / ٣١ ٢ ، كتاب الوضوء ، باب إسباغ الوضوء.
وانظر : هامش رقم ٢ وهامش رقم ٤ ص ٣٩١ من هذه الرسالة.