وأما عدم وجدانه (رحمهالله) الفصل ـ إلا شاذا ـ فلا يدل على عدم وجوده كثيرا ، على أنني أرى أن كلامه هذا إلى طغيان القلم أقرب منه إلى زلة القدم ، والمعصوم من عصمه الله تعالى ، فإن الأدعية المأثورة والأحاديث المشهورة قد تضمنت الفصل ، وحسبك من ذلك قول زين العابدين وسيد الساجدين عليه الصلاة والسلام في الصحيفة المباركة ـ زبور آل محمد (صلىاللهعليهوآلهوسلم) ـ : «فصل عليهم وعلى الملائكة الذين من دونهم» وقوله (عليهالسلام) : «فصل عليهم وعلى الروحانيين من ملائكتك» وقوله (عليهالسلام) : «وصلى الله عليه وعلى آله» وغير ذلك مما يقف عليه المتتبع في مطاوي الأدعية الشريفة.
فظهر أن الاحتياط المذكور لا محل له في المقام ، وأنه لا وجه لأولوية الترك ، إذ لم يقم دليل على ذلك سوى حديث منكر ، آثار الوضع تلوح عليه بوضوح ، وريح الاختلاق منه تفوح ، مضافا إلى استعمال العرب العرباء ومعاشر النحاة والأدباء لكلا الوجهين ـ كما سنبينه إن شاء الله تعالى ـ.
هذا ، وقد اجتهد بعضهم (١) في الاعتماد على ذلك الحديث المنحول مستندا إلى قاعدة التسامح في أدلة السنن والكراهة ، وأن وجوده في كتب الإسماعيلية غير قادح فيها ، لأنها ليست بأقل اعتبارا من كتب الواقفية ـ بني فضال ـ ونظائرهم الذين ورد عنهم (عليهمالسلام) في حق كتبهم «خذوا ما رووا ودعوا ما رأوا».
وفيه : أن العلماء رحمهمالله تعالى إنما بنوا الأمر على التسامح في
__________________
(١) هو الشيخ باقر بن أحمد بن خلف ، وتجد كلامه هذا في ص ٢٣ ـ ٢٤ من رسالته «المزايا والأحكام لاسم نبي الإسلام» المطبوعة في النجف الأشرف.