الاستدعاء الرسمي من قبل المانعين الأوائل لكي يعلموا جيدا اتجاه السلطة ورغبتها في أن لا يشيع الحديث بين الناس ، وقد استجابوا للسلطة على ذلك ، كأبي هريرة ، وأبي مسعود ، وابن مسعود ، وأبي موسى الأشعري ، وأبي بن كعب ، وأبي الدرداء ، بل وقد تعرض بعضهم إلى الإهانة من قبل السلطة مع تهديدها المباشر لهم إن لم يكفوا عن إشاعة الحديث الشريف (١)!!
حجج المانعين عن التدوين :
لم تكن لدى المانعين حجة شرعية يستندون إليها في مقام منع تدوين الحديث ، ولكن اختلقت لهم بعض الحجج في ذلك بنسبة المنع إلى النبي (صلىاللهعليهوآلهوسلم) ، مع أن أحدا من المانعين لم ينسب المنع قط إلى الرسول الكريم (صلىاللهعليهوآلهوسلم) ، مع كونهم أقرب الناس إلى عصر التشريع ، وفي ذلك دليل على اختلاق تلك الروايات وافتعالها لصيانة الواقع التاريخي الذي ساد ، وحفظ كرامة السلف الماضين.
ومن تلك الروايات ، ما رووه عن أبي سعيد الخدري أنه قال : «قال النبي (صلىاللهعليهوآلهوسلم) : لا تكتبوا عني شيئا إلا القرآن ، فمن كتب عني شيئا غير القرآن فليمحه» (٢).
وهذا الحديث باطل من وجوه :
أما من حيث السند ، فقد حكم الحفاظ بأنه من الموقوفات على أبي
__________________
(١) راجع : تدوين السنة الشريفة : ٤٣٤ تحت عنوان : «عمر يهدد الصحابة ويهينهم».
(٢) صحيح مسلم ٤ / ٢٢٨٩ ح ٧٢ ، باب التثبت في الحديث من كتاب الزهد.