فقال له المنصور : (فَانْفُذُوا لا تَنْفُذُونَ إِلَّا بِسُلْطانٍ (٣٣) فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ) (١).
قال عمر (٢) :
وددت أن الساعة قد قامت ، حتى يتبين أهل الحق من أهل الباطل.
فقال ابن [أبي] عون (٣) : (يَسْتَعْجِلُ بِهَا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِها وَالَّذِينَ آمَنُوا مُشْفِقُونَ مِنْها وَيَعْلَمُونَ أَنَّهَا الْحَقُ) (٤).
يقال (٥) إن خالد بن صفوان (٦) لم يفحمه أحد قط إلا رجل من بني عبد الدار جمعهما مجلس ، فاستطال عليه خالد بطول لسانه (٧) ، وحسن بيانه. وقال له :
يا أخا عبد الدار ، لقد هشمتك هاشم ، وأمّتك (٨) أمية ، وخزمتك (٩) مخزوم ، وجمحت (١٠) بك جمح ، واقتصتك قصّي ، وأنت عبد دراهم ، تفتح (١١) لهم إذا دخلوا ، وتغلق إذا خرجوا. فقال له الرجل : أتقول لي هذا؟ وأنت خالد في النار ، وقد قال الله تعالى :
__________________
(١) الرحمن : ٣٣ ، ٣٤.
(٢) لعله القاضي عمر بن محمد الذي أحضره الخليفة مع عدول وفقهاء أهل بغداد لمحاكمة ابن أبي عون حيث صلب ابن أبي عون بعد هذا المجلس. راجع معجم الأدباء ١ / ٣٦.
(٣) ما بين القوسين زيادة ليست في الأصل هو إبراهيم بن محمد بن أبي عون أديب. تبع الشلمغاني الذي ادّعى الألوهية فأمر الخليفة الراضي بقتله صلبا مع الشلمغاني ٣٢٢ ه وهو صاحب كتاب التشبيهات. انظر معجم الأدباء ١ / ٢٩٦.
(٤) الشورى : ١٨ وفي الأصل : (أنه الحق).
(٥) الخبر في البيان والتبيين ١ / ٣٣٦ مختصرا دون جواب رجل بني عبد الدار.
(٦) خالد بن صفوان بن الأهتم من فصحاء العرب المشهورين كان يجالس عمر بن عبد العزيز ، وهشام بن عبد الملك ، وعاش إلى أن أدرك السفاح ، وحظي عنده. انظر وفيات الأعيان ١ / ٢٤٣.
(٧) في الأصل : (السنانة) محرفة.
(٨) من قولهم أمّه : أي شجه وفي الأصل : (مية).
(٩) من قولهم : خزم البعير بالخزامة. وهي حلقة من شعر تجعل في وترة أنفه يشدّ فيها الخزام ، ويريد هنا أذلتك مخزوم.
(١٠) جمح أي خضع.
(١١) في الأصل : (بفتح) وقبله عند الجاحظ : وانت من عبد دارها ومنتهى عارها.