وخطب علي ـ رضي الله عنه ـ فقال :
رحم الله امرأ قرأ القرآن ، فاكتفى منه بأربع آيات فيهن شفاء من كل سقم ، وغنى من كل فقر ، وعزّ من كل ذلّ ، وفرح من كلّ هم ؛ قوله تعالى : (ما يَفْتَحِ اللهُ لِلنَّاسِ مِنْ رَحْمَةٍ فَلا مُمْسِكَ لَها وَما يُمْسِكْ فَلا مُرْسِلَ لَهُ مِنْ بَعْدِهِ) (١) وقوله : (وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللهُ بِضُرٍّ فَلا كاشِفَ لَهُ إِلَّا هُوَ وَإِنْ يُرِدْكَ بِخَيْرٍ فَلا رَادَّ لِفَضْلِهِ يُصِيبُ بِهِ مَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ) (٢).
وخطب عمر بن عبد العزيز ـ رحمهالله ـ فقال (٣) :
إنكم لم تخلقوا عبثا (٤) ، ولم تتركوا سدى (٥) ، وإنّ لكم معادا ينزل الله فيه الحكم والفصل بينكم ، فخاب وخسر من خرج من رحمة الله التي وسعت كل شيء (٦) وحرم الجنة التي (عَرْضُهَا السَّماواتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ) (٧).
وخطب عبد الملك بن مروان في يوم جمعة ، وكان شديد الحر ، فقال بعد الحمد :
أما بعد : فخير الأمور أبعدها عن التكلف (٨) ، وأسمحها بالتطوع. وقد أخبرنا الله تعالى : أنه يريد بنا اليسر ، ولا يريد بنا العسر (٩) ، وقد اشتد بنا الحرّ ، ولذلك اختصرنا الخطبة ،
__________________
(١) فاطر : ٢.
(٢) يونس : ١٠٧.
(٣) راجع البيان والتبيين ٢ / ١٢٠ ، العقد الفريد ٤ / ٩٥ ، نثر الدر ٢ / ١١٤. وفي العقد أنه خطبها بخناصرة ، وأنه لم يخطب غيرها حتى مات رحمهالله. والخطبة طويلة في سيرة ومناقب عمر بن عبد العزيز لابن الجوزي ص ٢٥٨.
(٤) إشارة إلى قوله تعالى : (أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّما خَلَقْناكُمْ عَبَثاً وَأَنَّكُمْ إِلَيْنا لا تُرْجَعُونَ) المؤمنون : ١١٥.
(٥) إشارة إلى قوله تعالى : (أَيَحْسَبُ الْإِنْسانُ أَنْ يُتْرَكَ سُدىً) القيامة : ٣٦.
(٦) إشارة إلى قوله تعالى : (قالَ عَذابِي أُصِيبُ بِهِ مَنْ أَشاءُ وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ) الأعراف : ١٥٦.
(٧) آل عمران : ١٣٣.
(٨) في الأصل : (الكلف).
(٩) إشارة إلى قوله تعالى : (يُرِيدُ اللهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ) البقرة : ١٨٥.