يَفْقَهُوا قَوْلِي) (١).
وأنبأنا الله تعالى عن تعلق فرعون بكل سبب ، واستراحته إلى كل شغب (٢) ، ونبهنا بذلك على مذهب كل جاحد معاند ، وكل محتال مكايد حين أخبرنا (٣) عن قوله : (أَمْ أَنَا خَيْرٌ مِنْ هذَا الَّذِي هُوَ مَهِينٌ وَلا يَكادُ يُبِينُ) (٤) وقال موسى :
(وَأَخِي هارُونُ هُوَ أَفْصَحُ مِنِّي لِساناً فَأَرْسِلْهُ مَعِي رِدْءاً) (٥).
وقال : (وَيَضِيقُ صَدْرِي وَلا يَنْطَلِقُ لِسانِي) (٦) رغبة منه في غاية الإفصاح بالحجة والمبالغة في وضوح الأدلة (٧) ، لتكون الأعناق إليه أميل ، والعقول أفهم ، والنفوس إليه أسرع ، وإن كان قد يأتي (٨) من وراء الحاجة ، ويبلغ أفهامهم على بعض المشقة. ولله أن يمتحن عباده بما شاء من التخفيف والتثقيل ، ويبلو أخبارهم (٩) كيف أحبّ من المكروه والمحبوب (١٠) ، ثم استجاب إلى دعاء موسى في تلك العقدة ورفع تلك الوحشة ، وأسقط تلك المحنة. وقال : (قَدْ أُوتِيتَ سُؤْلَكَ يا مُوسى) (١١). وذكر تعالى داود عليهالسلام فقال :
(وَآتَيْناهُ الْحِكْمَةَ وَفَصْلَ الْخِطابِ) (١٢). فجمع بذكر الحكمة البراعة في العقل والرجاحة (١٣) في الحلم ، والاتساع في العلم ، والصواب في الحكم ، وجمع له بفصل
__________________
(١) طه : ٢٥ ـ ٢٨.
(٢) في الأصل : (شعب) والتصويب من البيان والتبيين.
(٣) في البيان : (خبّرنا).
(٤) الزخرف : ٥٢.
(٥) القصص : ٣٤.
(٦) الشعراء : ١٣.
(٧) في البيان والتبيين : (الدّلالة).
(٨) في الأصل : (مالئ) والتصويب من البيان.
(٩) في الأصل : (ونبلو أخباركم).
(١٠) في الأصل : (كيف تصيب من المكروه والمحبوب). وفي البيان : (من المحبوب والمكروه).
(١١) طه : ٣٦.
(١٢) ص : ٢٠.
(١٣) في الأصل : (الرجاجة).