وتشبيهه قمر المحاق بالعرجون القديم (١).
وتشبيهه أعمال الكفار بسراب (بِقِيعَةٍ يَحْسَبُهُ الظَّمْآنُ ماءً حَتَّى إِذا جاءَهُ لَمْ يَجِدْهُ شَيْئاً) (٢).
والكلام في بلاغة هذه التشبيهات (٣) وجلالتها كثير لا ينتهي حتى ينتهي عنه.
فصل
في الاستعارة
أحسن وأوقع ما (٤) نطق به القرآن في غير موضع :
فمن ذلك قول الله عزوجل (وَاشْتَعَلَ الرَّأْسُ شَيْباً) (٥) لما كان الشيب يأخذ في الرأس ، ويسعى فيه شيئا فشيئا حتى يحيله إلى غير حاله الأولى كالنار التي تشتعل في جسم (٦) من الأجسام ، وتحيله (٧) إلى النقصان والاحتراق جعل عموم شيب (٨) الرأس اشتعالا.
ومن ذلك قوله عزوجل (وَآيَةٌ لَهُمُ اللَّيْلُ نَسْلَخُ مِنْهُ النَّهارَ) (٩). لما كان انسلاخ الشيء من الشيء هو أن يتبرأ منه ويتزيّل (١٠) عنه حالا فحالا ، كالجلد عن اللحم ،
__________________
(١) يعني قوله تعالى : (حَتَّى عادَ كَالْعُرْجُونِ الْقَدِيمِ) يس : ٣٩.
(٢) النور : ٣٩.
(٣) في الأصل : (الشبيهات).
(٤) في الأصل : (مما).
(٥) مريم : ٤.
(٦) في الأصل : (الجسم).
(٧) في الأصل : (لحيله .. إلى).
(٨) في الأصل : (الشيب).
(٩) يس : ٣٧.
(١٠) في الأصل : (وبنزيل).