وقد جعل الله لعباده من هذه الأفلاك الدائرة والنجوم السائرة فيما ينقلب عليه من اتصال وافتراق ، ويتعاقب فيه من اختلاف واتفاق ، منافع تظهر في كرور الشهور (١) والأعوام ، ومرور الليالي والأيام ، وتناوب (٢) الضياء والظلام ، واعتدال المساكن والأوطان ، وتغاير (٣) الفصول والأزمان ونشوء النبات (٤) والحيوان ، فما في نظام ذلك خلل [و] (٥) لا في صانعه ذلل ، بل هو منوط (٦) بعض ببعض ، ومحوط من كل ثلم ونقص (٧). قال الله تعالى : (هُوَ الَّذِي جَعَلَ الشَّمْسَ ضِياءً وَالْقَمَرَ نُوراً وَقَدَّرَهُ مَنازِلَ لِتَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسابَ ما خَلَقَ اللهُ ذلِكَ إِلَّا بِالْحَقِ) (٨).
وقال عزت (٩) قدرته : (وَالْقَمَرَ قَدَّرْناهُ) (١٠) (مَنازِلَ حَتَّى عادَ كَالْعُرْجُونِ الْقَدِيمِ).
ففصّل تعالى في هذه الآيات بين الشمس والقمر فأنبأ في الباهر من حكمته ، والمعجز من كلمه أن لكل منهما طريقا سخّر فيها وطبيعة جبل عليها ، وأن تلك المباينة (١١) والمخالفة في المسير تؤديان إلى موافقة وملاءمة (١٢) في التدبير.
__________________
(١) في الأصل : (الشهود) محرفة.
(٢) في الأصل : (ويتناول) محرفة.
(٣) في الأصل : (وتفائر) محرفة.
(٤) في الأصل : (الثبات).
(٥) زيادة اقتضاها السياق.
(٦) في الأصل : (حنوط).
(٧) في الأصل : (نقض).
(٨) يونس : ٥.
(٩) في الأصل : (عزة).
(١٠) في الأصل : (قررناه) والآية من سورة يس : ٣٩.
(١١) في الأصل : (البانية).
(١٢) في الأصل : (ملامه).