من سننيهما ، وقال الترمذي : حديث حسن صحيح ولفظه «تعوذي بالله من شر هذا فإن هذا الغاسق إذا وقب» ولفظ النسائي «تعوذي بالله من شر هذا ، هذا الغاسق إذا وقب» قال أصحاب القول الأول : وهو آية الليل إذا دلج ، هذا لا ينافي قولنا لأن القمر آية الليل ، ولا يوجد له سلطان إلا فيه ، وكذلك النجوم لا تضىء إلا بالليل ، فهو يرجع إلى ما قلناه والله أعلم).
٢ ـ بمناسبة قوله تعالى (وَمِنْ شَرِّ النَّفَّاثاتِ فِي الْعُقَدِ) قال ابن كثير : (قال مجاهد وعكرمة والحسن عن ابن طاوس عن أبيه قال : ما من شىء أقرب إلى الشرك من رقية الحية والمجانين. وفي الحديث الآخر أن جبريل جاء إلى النبي صلىاللهعليهوسلم فقال : اشتكيت يا محمد؟ فقال : «نعم» فقال : بسم الله أرقيك من كل داء يؤذيك ، ومن شر كل حاسد وعين الله يشفيك» ولعل هذا كان من شكواه صلىاللهعليهوسلم حين سحر ، ثم عافاه الله تعالى وشفاه ، ورد كيد السحرة والحساد من اليهود في رءوسهم وجعل تدميرهم في تدبيرهم وفضحهم.
وروى البخاري في كتاب الطب من صحيحه عن عائشة قالت : كان رسول الله صلىاللهعليهوسلم سحر حتى كان يرى أنه يأتي النساء ولا يأتيهن ، قال سفيان : وهذا أشد ما يكون من السحر إذا كان كذا ـ فقال : «يا عائشة أعلمت أن الله قد أفتاني فيما استفتيته فيه؟أتاني رجلان فقعد أحدهما عند رأسي والآخر عند رجلي فقال الذي عند رأسي للآخر : ما بال الرجل؟ قال : مطبوب ، قال : ومن طبه ، قال : لبيد بن أعصم رجل من بني زريق حليف اليهود كان منافقا ، قال : وفيم؟ قال : في مشط ومشاطة ، قال : وأين؟ قال : في جف طلعة ذكر تحت راعوفة في بئر ذروان» قالت : فأتي البئر حتى استخرجه فقال : «هذه بئر التي أريتها وكأن ماءها نقاعة الحناء ، وكان نخلها رءوس الشياطين» قال : فاستخرج فقلت : أفلا تنشرت؟ فقال : «أما الله فقد شفاني وأكره أن أثير على أحد من الناس شرا» وأسنده بسند آخر وفيه قالت : حتى كان يخيل إليه أنه فعل الشىء ولم يفعله ، وعنده فأمر بالبئر فدفنت ، وذكر أنه رواه عن هشام أيضا ابن أبي الزناد والليث بن سعد ، وقد رواه مسلم من حديث أبي أسامة حماد بن أسامة وعبد الله بن نمير ورواه أحمد عن عفان عن وهب عن هشام به ورواه الإمام أحمد أيضا عن عائشة قالت : لبث النبي صلىاللهعليهوسلم ستة أشهر يرى أنه يأتي ولا يأتي ، فأتاه ملكان فجلس أحدهما عند رأسه والآخر عند رجليه فقال أحدهما للآخر : ما باله؟ قال : مطبوب ، قال ومن طبه؟ قال لبيد بن الأعصم وذكر تمام الحديث).