الليل ، فجاء إبليس فعدل بها عن الطريق ، فجاء جبريل فنفخ إبليس نفخة ذهب منها إلى الحبشة ، ثم عدل بالراحلة إلى الطريق ، حكاهما البغوي).
أقول : القول الأول هو الذي عليه المعول.
٥ ـ عند قوله تعالى : (وَوَجَدَكَ عائِلاً فَأَغْنى) قال النسفي : ووجدك فقيرا فأغناك بمال خديجة ، أو بما أفاء عليك من الغنائم. أقول : إن ذكر الغنائم في هذا المقام بعيد جدا ، فالسورة مكية ، وتتحدث عن شىء حدث ، والغنائم كانت في المدينة ، وغناه عليهالسلام بمال خديجة من حيث إنه كان يعمل فيه ، فالرسول صلىاللهعليهوسلم كان يعمل من كسب يده ، وإنما رأس المال من خديجة قبل النبوة وبعدها ، إلا أن ظروف الدعوة بعد النبوة ، وصدق أمنا خديجة رضي الله عنها ، وتفانيها في خدمة دعوة الله عزوجل ، وخدمة رسول الله صلىاللهعليهوسلم أفنيا الكثير من مالها. وبمناسبة الآية المذكورة ، أشار ابن كثير إلى معنى آخر للغنى ، قال ابن كثير : (وفي الصحيحين عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «ليس الغنى عن كثرة العرض ولكن الغنى غنى النفس» وفي صحيح مسلم عن عبد الله بن عمرو قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «قد أفلح من أسلم ورزق كفافا وقنعه الله بما آتاه». أقول : هذا جزء من غنى رسول الله صلىاللهعليهوسلم والمراد بالآية أعم من ذلك.
٦ ـ بمناسبة قوله تعالى : (وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ) قال ابن كثير : (كما جاء في الدعاء المأثور النبوي : «واجعلنا شاكرين لنعمتك مثنين بها عليك قابليها وأتمها علينا» وروى ابن جرير عن أبي نضرة قال : كان المسلمون يرون أن من شكر النعم أن يحدث بها.
وروى عبد الله بن الإمام أحمد عن النعمان بن بشير قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم على المنبر : «من لم يشكر القليل لم يشكر الكثير ، ومن لم يشكر الناس لم يشكر الله ، والتحدث بنعمة الله شكر ، وتركها كفر ، والجماعة رحمة ، والفرقة عذاب» وإسناده ضعيف. وفي الصحيحين عن أنس أن المهاجرين قالوا : يا رسول الله ذهب الأنصار بالأجر كله! قال : «لا ما دعوتم الله لهم ، وأثنيتم عليهم» وروى أبو داود عن أبي هريرة عن النبي صلىاللهعليهوسلم قال : «لا يشكر الله من لا يشكر الناس» ورواه الترمذي وقال : صحيح. وروى أبو داود عن جابر عن النبي صلىاللهعليهوسلم قال : «من أبلي بلاء فذكره فقد شكره ، ومن كتمه فقد كفره» تفرد به أبو داود. وروى أبو داود عن جابر بن عبد الله