وقدم الألوسي لهذه السورة بقوله : (مكية. وآيها إحدى عشرة آية بلا خلاف. ولما ذكر سبحانه فيما قبلها (وَسَيُجَنَّبُهَا الْأَتْقَى) وكان سيد الأتقين رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم ، عقب سبحانه ذلك بذكر نعمه عزوجل عليه صلى الله تعالى عليه وسلم ، وقال الإمام : لما كانت الأولى سورة أبي بكر رضي الله تعالى عنه ، وهذه سورة رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم ، عقب جل وعلا بها ، ولم يجعل بينهما واسطة ، ليعلم أن لا واسطة بين رسوله صلى الله تعالى عليه وسلم والصديق رضي الله تعالى عنه ، وتقديم سورة الصديق على سورته عليه الصلاة والسلام لا يدل على أفضليته منه صلى الله تعالى عليه وسلم ، ألا ترى أنه تعالى أقسم أولا بشىء من مخلوقاته سبحانه ، ثم أقسم بنفسه عزوجل في عدة مواضع منها السورة السابقة على ما علمت ، والخدم قد تتقدم بين يدي السادة ، وكثير من السنن أمر بتقديمه على فروض العبادة ، ولا يضر النور تأخره عن أغصانه ، ولا السنان كونه في أطراف مرانه ، ثم إن ما ذكره زهرة ربيع لا تتحمل الفرك كما لا يخفي).
وقال صاحب الظلال في تقديمه لهذه السورة : (هذه السورة بموضوعها ، وتعبيرها ، ومشاهدها ، وظلالها وإيقاعها ، لمسة من حنان. ونسمة من رحمة. وطائف من ود. ويد حانية تمسح على الآلام والمواجع ، وتتسم بالروح والرضى والأمل. وتسكب البرد والطمأنينة واليقين.
إنها كلها خالصة للنبي صلىاللهعليهوسلم كلها نجاء له من ربه ، وتسرية وتسلية وترويح وتطمين. كلها أنسام من الرحمة وأنداد من الود ، وألطاف من القربى ، وهدهدة للروح المتعب ، والخاطر المقلق ، والقلب الموجوع).
كلمة في سورة الضحى ومحورها :
تنتهي سورة الليل بقوله تعالى : (وَلَسَوْفَ يَرْضى) ويأتي في سورة الضحى قوله تعالى لرسوله صلىاللهعليهوسلم : (وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضى) ومر معنا في سورة الليل قوله تعالى : (وَإِنَّ لَنا لَلْآخِرَةَ وَالْأُولى) ويأتي في سورة الضحى قوله تعالى : (وَلَلْآخِرَةُ خَيْرٌ لَكَ مِنَ الْأُولى) ومر معنا في سورة الليل قوله تعالى : (فَأَمَّا مَنْ أَعْطى وَاتَّقى ..) ، (الَّذِي يُؤْتِي مالَهُ يَتَزَكَّى) ويأتي في سورة الضحى قوله تعالى : (فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلا تَقْهَرْ* وَأَمَّا السَّائِلَ فَلا تَنْهَرْ ..) ومن هذا ندرك صلة سورة الضحى بسورة الليل قبلها.