السورة من سورة البقرة ، ومن هذا ندرك أن سورة الشمس المبدوءة بقسم تفصل في مقدمة سورة البقرة. ككل سورة مبدوءة بقسم ، وهو معنى سنبرزه بالتفصيل أثناء عرض السورة.
في سورة البلد ورد قوله تعالى : (وَهَدَيْناهُ النَّجْدَيْنِ) وفي سورة الشمس يأتي قوله تعالى : (وَنَفْسٍ وَما سَوَّاها* فَأَلْهَمَها فُجُورَها وَتَقْواها) وفي سورة البلد دعوة إلى اقتحام العقبة ، وهي عقبة نفسية ينبغي أن تقتحم بالعمل الصالح ، وفي سورة الشمس دعوة لتزكية النفس : (قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاها* وَقَدْ خابَ مَنْ دَسَّاها) فالمقامان متكاملان.
وفي سورة الفجر يرد قوله تعالى : (وَثَمُودَ الَّذِينَ جابُوا الصَّخْرَ بِالْوادِ* وَفِرْعَوْنَ ذِي الْأَوْتادِ* الَّذِينَ طَغَوْا فِي الْبِلادِ* فَأَكْثَرُوا فِيهَا الْفَسادَ) وفي سورة الشمس يأتي قوله تعالى : (كَذَّبَتْ ثَمُودُ بِطَغْواها* إِذِ انْبَعَثَ أَشْقاها* ..) فهنا تشرح سورة الشمس مظهرا من مظاهر طغيان ثمود وإفسادها. فالسورة إذن تكمل المعاني الواردة في مجموعتها.
فسورة الفجر تهيء لسلوك الطريق ، وسورة البلد تحدد معالم في الطريق ، وسورة الشمس تبين صلة الطريق بتزكية النفس ، وأن الفلاح معلق على ذلك ، وهكذا نجد سور المجموعة كل منها تكمل الأخرى ، وكل منها لها سياقها الخاص. وسيتضح لنا هذا بشكل أوسع كلما خطونا خطوة في العرض ، وسنعرض سورة الشمس على مرحلتين ، كل مرحلة نعرض فيها فقرة منها ؛ لأنها تتألف من فقرتين واضحتي المعالم مترابطتين ، الفقرة الأولى تنتهي بنهاية الآية (١٠). والفقرة الثانية تنتهي بنهاية الآية (١٥) أي : بنهاية السورة.