بالغيب والرسل واليوم الآخر ، فهي تنذر لتحمل الناس على الإيمان والتقوى.
تفسير المجموعة الثانية :
(أَلَمْ نُهْلِكِ الْأَوَّلِينَ) أي : الأمم الخالية المكذبة. قال ابن كثير : يعني : من المكذبين للرسل المخالفين لما جاؤوهم به (ثُمَّ نُتْبِعُهُمُ الْآخِرِينَ) أي : ممن أشبههم وهو وعيد للمكذبين من هذه الأمة ، فكأنه قال : ثم نفعل بأمثالهم من الآخرين مثل ما فعلنا بالأولين ، لأنهم كذبوا مثل تكذيبهم فتلك سنتنا ، ومن ثم قال : (كَذلِكَ نَفْعَلُ بِالْمُجْرِمِينَ) أي : مثل ذلك الفعل نفعل بكل من أجرم ، فاحذروا ، واستدلوا بذلك على مجىء اليوم الآخر ، وتعذيب المكذبين فيه ، ومن ثم قال تعالى بعد ذلك : (وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ) أي : يوم القيامة ، أي : يوم الفصل الذي تحدثت عنه المجموعة الأولى (لِلْمُكَذِّبِينَ) قال النسفي : أي : بما أوعدنا. أقول : من كلمة النسفي هذه ندرك ربط النسفي لما ورد في هذه المجموعة مع ما سبقها.
كلمة في السياق :
١ ـ استقرت مقدمة سورة المرسلات على قوله تعالى : (إِنَّما تُوعَدُونَ لَواقِعٌ) واستقرت المجموعة الأولى على الكلام عن يوم الفصل (لِيَوْمِ الْفَصْلِ* وَما أَدْراكَ ما يَوْمُ الْفَصْلِ) وذكرت جزءا مما يحدث في يوم الفصل فقالت : (وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ) ثم جاءت المجموعة الثانية ولفتت النظر إلى ما يستدل به على يوم الفصل ، وكررت قوله تعالى : (وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ) فكان في هذه الجملة في هذا السياق إنذار للمكذبين من هذه الأمة ، ولفت نظر إلى اليوم الموعود.
٢ ـ يلاحظ أن المجموعة الأولى بدأت بالتقرير ، وذكرت استفهامين في أواخرها : (لِأَيِّ يَوْمٍ أُجِّلَتْ)؟ (وَما أَدْراكَ ما يَوْمُ الْفَصْلِ)؟ والملاحظ أن المجموعات الثلاث الآتية بعد المجموعة الأولى كل منها مبدوء بقوله تعالى : (أَلَمْ) مما يشير إلى أن المجموعات الثلاث تؤدي خدمة واحدة في سياق السورة ، وقد مرت معنا إحدى هذه المجموعات الثلاث فلنر أختيها.