قال ابن كثير : أي : لا يقدر أحد أن يهدي نفسه ، ولا يدخل في الإيمان ، ولا يجر لنفسه منفعا (إِلَّا أَنْ يَشاءَ اللهُ) قال النسفي : أي : إلا وقت مشيئة الله وإنما يشاء الله ذلك ممن علم منه اختياره ذلك ، وقيل هو لعموم المشيئة في الطاعة والعصيان ، والكفر والإيمان فيكون حجة لنا على المعتزلة (إِنَّ اللهَ كانَ عَلِيماً حَكِيماً) قال ابن كثير : أي : عليم بمن يستحق الهداية فييسر له ، ويقيض له أسبابها ، ومن يستحق الغواية فيصرفه عن الهدى ، وله الحكمة البالغة والحجة الدامغة (يُدْخِلُ مَنْ يَشاءُ فِي رَحْمَتِهِ) أي : جنته لأنها برحمته تنال (وَالظَّالِمِينَ) أي : الكافرين ، وسموا بذلك لأنهم وضعوا العبادة في غير موضعها (أَعَدَّ لَهُمْ عَذاباً أَلِيماً) جزاء عدلا على ظلمهم ، وهكذا أكد الله عزوجل أن الهداية بمشيئته ، والضلال بمشيئته ، ولكنه يهدي فضلا ، ويضل عدلا ، وعموم المشيئة لا ينافي اختيار الإنسان ، فالاختيار قائم والمشيئة عامة ، وعموم المشيئة مظهر العزة والعظمة ، وإلا يكون عصيانه مراغمة له سبحانه ، ويكون نيل رضوانه بغير توفيق منه ، ومن لا يعرف الله عزوجل حق المعرفة تخرج منه الأعاجيب.
كلمة في السياق :
رأينا أثناء عرض السورة سياق السورة الخاص ، وصلتها بمحورها من سورة البقرة ، وواضح أنها فصلت في الطريق ، فهي سورة تهيج على السير إلى الله عزوجل فلنأخذ حظنا من العمل منها ، ومن ثم فإن رسول الله صلىاللهعليهوسلم كان يقرؤها مع سورة (الم تنزيل السجدة) في صلاة الصبح يوم الجمعة كما سنرى في الفوائد.
الفوائد :
١ ـ قدم ابن كثير لتفسير سورة الإنسان بما يلي : (قد تقدم في صحيح مسلم عن ابن عباس أن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم كان يقرأ في صلاة الصبح يوم الجمعة (الم تَنْزِيلُ) السجدة ، و (هَلْ أَتى عَلَى الْإِنْسانِ) وقال عبد الله ابن وهب : أخبرنا ابن زيد أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم قرأ هذه السورة (هَلْ أَتى عَلَى الْإِنْسانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ)).
٢ ـ في مقال نشرته مجلة الأمان في عددها (٥٩) تحدث الدكتور الطبيب محمد علي البار عن النطفة الأمشاج ، حاول فيه الدكتور أن يبين أبعاد قوله تعالى : (إِنَّا