مشرقة مسرورة (إِلى رَبِّها ناظِرَةٌ) قال ابن كثير : أي : تراه عيانا ، (وَوُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ باسِرَةٌ) أي : كالحة شديدة العبوسة وهي وجوه الكفار ، قال ابن كثير : هذه وجوه الفجار تكون يوم القيامة باسرة (تَظُنُ) أي : تستيقن (أَنْ يُفْعَلَ بِها فاقِرَةٌ) أي : داهية تقصم فقار الظهر.
كلمة في السياق :
١ ـ ذكر في المجموعة الأولى سبب من أسباب الفرار من التكليف ، وذكر في المجموعة الثالثة سبب آخر من أسباب الفرار من التكليف ، وذكر في الوسط ، كتاب التكليف.
٢ ـ وذكر في المجموعة الأولى تفصيل عن اليوم الآخر ، وذكر في المجموعة الثالثة حال أهل الإيمان وأهل الكفر فيه ، وذكر في الوسط الكتاب الذي يفصل في العلم والطريق الذي به تكون النجاة والكرامة ، وبالإعراض عنه يكون الهلاك والإهانة.
٣ ـ أنكرت المجموعة الثالثة على من يحب الدنيا ، وفي ذلك تربية على أصل من أصول التقوى ، وبيان لكون الإيمان بالاخرة يقتضي محبتها وتفضيلها على الدنيا.
٤ ـ وبعد المجموعة الثالثة تأتي مجموعة تتحدث عن احتضار الكافر وموته وهي لحظة الانتقال من الدنيا إلى عوالم الآخرة ، ومجىء المجموعة في هذا السياق تذكير للإنسان الذي يفضل الدنيا على الآخرة ، وتذكير للإنسان الذي يفر من التكليف بالموت الذي هو الواعظ الكبير للغافلين والسادرين والفاجرين ، وهكذا تعظ السورة أعظم الوعظ لتبعث الهمة على القيام بأمر الله والعمل للآخرة ، فتذكر بالآخرة وتذكر بهذا القرآن ، وتذكر بالموت.
تفسير المجموعة الرابعة من الفقرة الأولى :
(كَلَّا إِذا بَلَغَتِ) أي : الروح (التَّراقِيَ) وهي العظام المكتنفة لنقرة النحر عن يمين وشمال ، والتراقي : جمع ترقوة. قال ابن كثير : يخبر تعالى عن حالة الاحتضار وما عنده من الأهوال ـ ثبتنا الله هنالك بالقول الثابت ـ : إن جعلنا كلا رادعة فمعناها : لست يا ابن آدم هناك تكذب بما أخبرت به ، بل صار ذلك عندك عيانا ، وإن جعلناها بمعنى : حقا فظاهر ، أي : حقا إذا بلغت التراقي ، أي : انتزعت روحك من جسدك وبلغت تراقيك (وَقِيلَ مَنْ راقٍ) قال النسفي : أي : قال حاضرو المحتضر بعضهم