القيامة ، ثم بينت له أن نوعا من الناس لا يقبل الإنذار فليدعه لله ، وبينت له ما أعده الله لهذا من عذاب ، ثم استأنفت لتحدثنا عن موقف الكافرين والمؤمنين من المثل القرآني ، ثم سارت السورة لتبين أهمية أن يبعث الله نذيرا للبشر ، ثم عجبت من موقف الكافرين من الإنذار ، ثم بينت العلة الرئيسية لهذا الموقف ، ثم ختمت بالتذكير بهذا القرآن المنزل على النذير ، وحضت على التذكر ، وعلقت التذكر على مشيئة الله ؛ ليقبل العبد بقلبه على الله تائبا طالبا.
٦ ـ يلاحظ أن السورة ختمت بقوله تعالى : (هُوَ أَهْلُ التَّقْوى وَأَهْلُ الْمَغْفِرَةِ) وفي هذا المقام سر لطيف ، فالسورة أنذرت من خلال التذكير باليوم الآخر حتى استغرق ذلك كثيرا من السورة ، ثم ختمت بالتذكير بأن الله عزوجل حري أن يتقيه المتقون ، لأنه أهل التقوى ، حري أن يستغفره المستغفرون ؛ لأنه أهل المغفرة ، فأصل أصيل في التذكير أن يذكر بجلال الله وجماله وكماله في إنهاض الهمم إليه ، والتذكير باليوم الآخر طريق لذلك.
الفوائد :
١ ـ هناك أقوال كثيرة في قوله تعالى : (وَثِيابَكَ فَطَهِّرْ) ذكرنا مآلها في صلب التفسير وههنا ننقل بعض عبارات المفسرين في ذلك : قال الأجلح الكندي عن عكرمة عن ابن عباس أنه أتاه رجل فسأله عن هذه الآية (وَثِيابَكَ فَطَهِّرْ) قال : لا تلبسها على معصية ولا على غدرة ثم قال : أما سمعت قول غيلان بن مسلمة الثقفي :
فإني بحمد الله لا ثوب فاجر |
|
لبست ولا من غدرة أتقنع |
وقال ابن جريج عن عطاء عن ابن عباس في هذه الآية (وَثِيابَكَ فَطَهِّرْ) قال : في كلام العرب نقي الثياب ، وفي رواية بهذا الإسناد : فطهر من الذنوب ، وكذا قال إبراهيم والشعبي وعطاء ، وقال الثوري عن رجل عن عطاء عن ابن عباس في هذه الآية (وَثِيابَكَ فَطَهِّرْ) قال : من الإثم ، وكذا قال إبراهيم النخعي ، وقال مجاهد (وَثِيابَكَ فَطَهِّرْ) قال : نفسك ، ليس ثيابه ، وفي رواية عنه : (وَثِيابَكَ فَطَهِّرْ) : أي : عملك فأصلح ، وكذا قال أبو رزين وفي رواية أخرى : (وَثِيابَكَ فَطَهِّرْ) : أي : لست بكاهن ولا ساحر فأعرض عما قالوا ، وقال قتادة : (وَثِيابَكَ فَطَهِّرْ) : أي : طهرها من المعاصي ، وكانت العرب تسمي الرجل إذا نكث ولم يف