الحد) قال الألوسي في سياق كلامه عن الكبائر : (واعتمد الواحدي أنها لا حد لها يحصرها فقال : الصحيح أن الكبيرة ليس لها حد يعرفها العباد به ؛ وإلا لاقتحم الناس الصغائر واستباحوها ، ولكن الله تعالى أخفى ذلك عنهم ليجتهدوا في اجتناب المنهي عنه ، رجاء أن تجتنب الكبائر ، ونظير ذلك إخفاء الاسم الأعظم. والصلاة الوسطى. وليلة القدر. وساعة الإجابة ، وقال العلامة ابن حجر الهيتمي : كل ما ذكر من الحدود إنما قصد به التقريب فقط ، وإلا فهي ليست بحدود جامعة ، وكيف يمكن ضبط مالا مطمع في ضبطه؟ وذهب جمع إلى تعريفها بالعد ، فعن ابن عباس : أنها ما ذكره الله تعالى في أول سورة النساء إلى قوله سبحانه : (إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبائِرَ ما تُنْهَوْنَ عَنْهُ). وقيل هي سبع ، وروي ذلك عن علي كرم الله وجهه ، وعطاء ، وعبيد بن عمير ، واستدل له بما في الصحيحين : «اجتنبوا السبع الموبقات : الإشراك بالله تعالى. والسحر. وقتل النفس التي حرم الله تعالى إلا بالحق. وأكل مال اليتيم. وأكل الربا. والتولي يوم الزحف. وقذف المحصنات الغافلات المؤمنات» وقيل : خمس عشرة ، وقيل : أربع عشرة ، وقيل : أربع ، وعن ابن مسعود : ثلاث ، وفي رواية أخرى : عشرة ، وقال شيخ الإسلام العلائي : المنصوص عليه في الأحاديث أنه كبيرة خمس وعشرون ، وتعقبه ابن حجر بزيادة على ذلك).
ثم قال تعالى : (إِلَّا اللَّمَمَ) أي : إلا الصغائر ، قال النسفي : وهو كالنظرة والقبلة واللمسة والغمزة ، ولنا عودة إلى هذا الموضوع في الفوائد (إِنَّ رَبَّكَ واسِعُ الْمَغْفِرَةِ) قال ابن كثير : أي رحمته وسعت كل شىء ، ومغفرته تسع الذنوب كلها لمن تاب منها (هُوَ أَعْلَمُ بِكُمْ إِذْ أَنْشَأَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ) بإنشاء أبيكم آدم منها ، أو بإنشائكم من ترابها في الأصل حتى صرتم غذاء فنطفا (وَإِذْ أَنْتُمْ أَجِنَّةٌ فِي بُطُونِ أُمَّهاتِكُمْ) الأجنة : جمع جنين (فَلا تُزَكُّوا أَنْفُسَكُمْ) أي : فلا تمدحوها وتشكروها وتمنوا بأعمالكم (هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اتَّقى) أي : فاكتفوا بعلمه عن علم الناس ، وبجزائه عن ثناء الناس ، قال النسفي : (أي فلا تنسبوها ـ أي : أنفسكم ـ إلى زكاء العمل).
كلمة في السياق :
ذكرت الآيتان الأخيرتان تعريفا للمتقين ، كما نهت الآية الأخيرة عن تزكية النفس