التفسير :
(وَالنَّجْمِ إِذا هَوى) أي : إذا رمي به الشياطين ، أو إذا انفجر فتناثر كما يحدث لبعض النجوم مما سنراه في الفوائد ، أو النجم إذا انتثر يوم القيامة (ما ضَلَ) عن الحق (صاحِبُكُمْ) أي : محمد صلىاللهعليهوسلم (وَما غَوى) في اتباع الباطل ، قال ابن كثير : (هذا هو المقسم عليه وهو الشهادة للرسول صلىاللهعليهوسلم بأنه راشد ، تابع للحق ، ليس بضال ، والضال هو الجاهل الذي يسلك على غير طريق بغير علم) ، والغاوي : هو العالم بالحق ، المنحرف عنه قصدا إلى غيره ، فنزه الله رسوله وشرعه عن مشابهة أهل الضلال كالنصارى ، وعن مشابهة اليهود في كونهم يعلمون الشىء ويكتمونه ، ويعملون بخلافه ، فهو ـ صلاة الله وسلامه عليه ، وما بعثه الله به من الشرع العظيم ـ في غاية الاستقامة والاعتدال والسداد ، ولهذا قال تعالى : (وَما يَنْطِقُ عَنِ الْهَوى) قال ابن كثير : (أي ما يقول قولا عن هوى وغرض) (إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحى) قال ابن كثير : أي إنما ما أمر به يبلغه إلى الناس كاملا موفورا من غير زيادة ولا نقصان ، وقال النسفي : (أي وما آتاكم به من القرآن ليس بمنطق يصدر عن هواه ورأيه ، إنما هو وحي من عند الله يوحى إليه) (عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوى) أي : علم محمدا صلىاللهعليهوسلم ملك شديد قواه وهو جبريل عليهالسلام عند الجمهور (ذُو مِرَّةٍ) أي : ذو قوة ، أو ذو منظر حسن (فَاسْتَوى) قال ابن كثير : يعني جبريل ، قال النسفي : (أي فاستقام على صورة نفسه الحقيقية ... وذلك أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم أحب أن يراه في صورته التي جبل عليها فاستوى له في الأفق الأعلى وهو أفق الشمس فملأ الأفق ...) ومن ثم قال : (وَهُوَ) أي : جبريل عليهالسلام (بِالْأُفُقِ الْأَعْلى) أي : أفق السماء (ثُمَّ دَنا) جبريل من رسول الله صلىاللهعليهوسلم (فَتَدَلَّى) أي : فزاد في القرب ؛ إذ التدلي هو النزول بقرب الشىء (فَكانَ قابَ قَوْسَيْنِ) أي : مقدار قوسين عربيتين ، قال ابن كثير : أي فاقترب جبريل إلى محمد صلىاللهعليهوسلم لما هبط عليه إلى الأرض حتى كان بينه وبين محمد صلىاللهعليهوسلم قاب قوسين أي بقدرهما إذا مدا ... (أَوْ أَدْنى) أي : أو أقرب على تقديركم قال ابن كثير : (قد تقدم أن هذه الصيغة تستعمل في اللغة لإثبات المخبر عنه ونفي ما زاد عليه ...) (فَأَوْحى) جبريل (إِلى عَبْدِهِ) أي : إلى عبد الله محمد صلىاللهعليهوسلم (ما أَوْحى) قال النسفي : تفخيم للوحي الذي أوحي إليه (ما كَذَبَ الْفُؤادُ) أي : فؤاد محمد صلىاللهعليهوسلم (ما رَأى) أي : ما رآه ببصره من صورة جبريل ، يعني : أنه رآه بعينه ، وعرفه بقلبه ، ولم يشك في ما رآه (أَفَتُمارُونَهُ) أي :