الله قلوبهم ، أي : خذلهم وحرمهم توفيق اتباع الحق ، وقال ابن كثير : أي : فلما عدوا عن اتباع الحق مع علمهم به أزاغ الله قلوبهم عن الهدى وأسكنها الشك والحيرة والخذلان (وَاللهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفاسِقِينَ) قال النسفي : أي : لا يهدي من سبق في علمه أنه فاسق.
كلمة في السياق :
١ ـ ذكرنا من قبل أن السورة عند ما تفصل في محور فإنها تفصل في هذا المحور وارتباطاته وامتدادات معانيه في سورة البقرة ، ويظهر هذا جليا في سورة الصف فهي تفصل في مقدمة سورة البقرة ، وذلك هو محورها ، وتفصل في ارتباطات المقدمة أي : في الآيات التي تليها مباشرة ، وتفصل في امتدادات معاني المقدمة في سورة البقرة ، ولذلك فهي تتعرض للقتال ، وتتعرض لوجوب نصرة الله ، ولذلك صلته بالتقوى وبالإيمان وبالاهتداء بكتاب الله عزوجل ، وهي مواضيع رئيسية في مقدمة سورة البقرة ، لها امتدادات في سورة البقرة فعلينا ونحن نتحدث عن سياق سورة الصف أن نتذكر هذا كله.
٢ ـ وصف الله عزوجل بني إسرائيل في الآية السابقة بثلاثة أوصاف : (أ) إيذاؤهم موسى عليهالسلام مع علمهم أنه رسول الله صلىاللهعليهوسلم.
(ب) زيغ قلوبهم عن أمر الله عزوجل. (ج) فسوقهم عن أمر الله ، وضلالهم.
فإذا كانت الطبيعة البشرية فيها مثل هؤلاء فهذا يقتضي قتالا ، ولذلك فقد شرع القتال في الإسلام ، وحقت محبة الله للمجاهدين في سبيله.
٣ ـ هناك صلة بين المعاني الثلاثة التي ذكرتها الآية : إيذاء موسى ، وزيغ القلوب ، والفسوق ، فالفسوق الكامل هو أثر عن زيغ القلوب ، وزيغ القلوب له علاقة بسوء الأدب مع الرسول.
٤ ـ هناك صلة بين قوله تعالى : (وَاللهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفاسِقِينَ) وبين قوله تعالى في سورة البقرة (وَما يُضِلُّ بِهِ إِلَّا الْفاسِقِينَ* الَّذِينَ يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللهِ مِنْ بَعْدِ