الآيتين قبلهما (إِنَّ اللهَ لا يَسْتَحْيِي أَنْ يَضْرِبَ مَثَلاً ما بَعُوضَةً فَما فَوْقَها فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ وَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا فَيَقُولُونَ ما ذا أَرادَ اللهُ بِهذا مَثَلاً يُضِلُّ بِهِ كَثِيراً وَيَهْدِي بِهِ كَثِيراً وَما يُضِلُّ بِهِ إِلَّا الْفاسِقِينَ* الَّذِينَ يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللهِ مِنْ بَعْدِ مِيثاقِهِ وَيَقْطَعُونَ ما أَمَرَ اللهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَيُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ أُولئِكَ هُمُ الْخاسِرُونَ) تشكل المحور الأعم لسورة الواقعة ، مع ملاحظة ارتباط هذه الآيات مع ما قبلها.
وفي سورة البقرة تتكرر صيغة (وَمِنَ النَّاسِ).
(وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللهِ أَنْداداً يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللهِ).
(فَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ رَبَّنا آتِنا فِي الدُّنْيا وَما لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلاقٍ* وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ رَبَّنا آتِنا فِي الدُّنْيا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنا عَذابَ النَّارِ* أُولئِكَ لَهُمْ نَصِيبٌ مِمَّا كَسَبُوا وَاللهُ سَرِيعُ الْحِسابِ).
(وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا ...).
(وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغاءَ مَرْضاتِ اللهِ).
وسورة الواقعة تفصل في أصناف الناس فتحصرهم في ثلاثة : مقربين ، وأهل يمين ، وأهل شمال ، فهي تشد إلى محورها كل هذه الآيات لتفصل في ذلك كله.
قلنا إن محور سورة الواقعة الأخص هو قوله تعالى : (كَيْفَ تَكْفُرُونَ بِاللهِ وَكُنْتُمْ أَمْواتاً فَأَحْياكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ* هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ ما فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً ثُمَّ اسْتَوى إِلَى السَّماءِ فَسَوَّاهُنَّ سَبْعَ سَماواتٍ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ) والملاحظ أن سورة الواقعة تفصل في شأن الرجوع إليه (ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ) فيكون الربط بين ذلك وبين سورة الواقعة على الشكل التالي : فإذا رجعتم إليه بوقوع الساعة كان الأمر (وَكُنْتُمْ أَزْواجاً ثَلاثَةً) وبعد وصف ما أعد للأصناف الثلاثة تبدأ إقامة الحجة (نَحْنُ خَلَقْناكُمْ فَلَوْ لا تُصَدِّقُونَ ...) وإذا كانت سورة الواقعة تفصل في جزء من مقطع الطريقين ، وإذ كانت المعاني في مقطع الطريقين مسوقة لصالح قضية العبادة ، فإن الأمر (فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ) في السورة يرد مرتين.