٨٧ ـ (اللهُ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ ...) مر معناه وجملة (لا إله إلا هو) إما خبر المبتدإ ـ الله ـ وإما اعتراض ، والخبر : (لَيَجْمَعَنَّكُمْ إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ) أي : ليحشرنكم جميعا إلى موقف الحساب بالتأكيد (لا رَيْبَ فِيهِ) لا شكّ فيه (وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللهِ حَدِيثاً) أي خبرا ووعدا لا خلف فيه. والاستفهام هنا إنكاري يعني : ليس أصدق منه سبحانه حديثا ولا أحد أصدق منه خبرا.
٨٨ ـ (فَما لَكُمْ فِي الْمُنافِقِينَ ، فِئَتَيْنِ ...) أي ما لكم أيها المؤمنون انقسمتم في أمر هؤلاء المنافقين فرقتين ولم تتّفقوا على كفرهم. (وَاللهُ أَرْكَسَهُمْ بِما كَسَبُوا) إذ ردّهم إلى حكم الكفار بما أظهروا من الكفر (أَتُرِيدُونَ أَنْ تَهْدُوا مَنْ أَضَلَّ اللهُ) أي : أترغبون ـ أيها المؤمنون ـ في الحكم بهداية من حكم الله بضلاله قيل نزلت في قوم قدموا إلى المدينة من مكة ثم رجعوا إليها ومنها ذهبوا إلى اليمامة ببضائع للمشركين فاختلف المسلمون في جواز غزوهم وقتالهم. (وَمَنْ يُضْلِلِ اللهُ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ سَبِيلاً) فالضالّ لا تجد طريقة لجعله من المهتدين.
٨٩ ـ (وَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ كَما كَفَرُوا ...) يعني : تمنّوا أن تكفروا بالله ورسوله (فَتَكُونُونَ سَواءً) أي تستوون معهم في الكفر (فَلا تَتَّخِذُوا مِنْهُمْ أَوْلِياءَ) أي : لا تتولوهم ولو أظهروا الإيمان (حَتَّى يُهاجِرُوا) أي يخرجوا من دار الشرك (فِي سَبِيلِ اللهِ) والطريق التي ترضيه وتعلي كلمته. (فَإِنْ تَوَلَّوْا) عن الهجرة في سبيل الدين (فَخُذُوهُمْ) أي اقبضوا عليهم (وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ) أي : اقتلوهم أين ما أصبتموهم في الحل والحرم (وَلا تَتَّخِذُوا مِنْهُمْ وَلِيًّا) أي صاحبا منهم (وَلا نَصِيراً) أي معينا.
٩٠ ـ (إِلَّا الَّذِينَ يَصِلُونَ إِلى قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثاقٌ ...) استثنى سبحانه من الأمر لقتال الذين لا يهاجرون عن أرض الشرك من اتصل منهم بقوم بينهم وبين المسلمين عهد بحلف أو جوار فلا يجوز حينئذ قتالهم كحرمة قتال المسلمين لمن دخلوا معهم هم بعهد. (أَوْ جاؤُكُمْ حَصِرَتْ صُدُورُهُمْ) أي ضاقت صدورهم. وهذا استثناء آخر عن الأمر بالقتال (أَنْ يُقاتِلُوكُمْ) مع قومهم (أَوْ يُقاتِلُوا قَوْمَهُمْ) معكم وهذا وما بعده نسخ بآية السيف. (وَلَوْ شاءَ اللهُ لَسَلَّطَهُمْ عَلَيْكُمْ فَلَقاتَلُوكُمْ) وهذا إخبار عن مقدوره تعالى ، فلو أراد فإنه يفعل ويجعلهم يقاتلونكم. ولكنه لم يشأ بل قذف في قلوبهم الرعب .. (فَإِنِ اعْتَزَلُوكُمْ فَلَمْ يُقاتِلُوكُمْ) أي هاتان الفئتان اللتان استثناهما من الأمر بالقتال إذا كفوا عنكم وكفّوا عنكم (وَأَلْقَوْا إِلَيْكُمُ السَّلَمَ) يعنى استسلموا وانقادوا لكم وصالحوكم (فَما جَعَلَ اللهُ لَكُمْ عَلَيْهِمْ سَبِيلاً) فما أذن لكم في أخذهم وقتلهم ...
٩١ ـ (سَتَجِدُونَ آخَرِينَ يُرِيدُونَ أَنْ يَأْمَنُوكُمْ ...) بإظهارهم الإسلام قيل : نزلت في جماعة كانوا يأتون النبي (ص) فيسلمون رباء ثم يعودون إلى قريش ويرتدون إلى عبادة الأوثان يبتغون من ذلك أن يأمنوا جانب المسلمين (وَيَأْمَنُوا قَوْمَهُمْ) بإظهار موافقتهم لهم في كفرهم. (كُلَّما رُدُّوا إِلَى الْفِتْنَةِ أُرْكِسُوا فِيها) أي كلّما دعوا إلى العودة إلى الشّرك رجعوا (فَإِنْ لَمْ يَعْتَزِلُوكُمْ) يعني إذا لم يدعوا قتالكم (وَيُلْقُوا إِلَيْكُمُ السَّلَمَ) ولم يصالحوكم (وَيَكُفُّوا أَيْدِيَهُمْ) يقبضوها عن قتالكم (فَخُذُوهُمْ) أي اقبضوا عليهم (وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ) واقتلوهم أين وجدتموهم (وَأُولئِكُمْ جَعَلْنا لَكُمْ عَلَيْهِمْ سُلْطاناً مُبِيناً) أي جعلنا لكم عليهم حجة ظاهرة في القتال.