٣٨ ـ (وَالَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوالَهُمْ رِئاءَ النَّاسِ ...) عطف سبحانه على أولئك البخلاء ، هؤلاء الذين ينفقون أموالهم فعلا ، ولكن لا لوجه الله بل رياء وسمعة ، (وَلا يُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَلا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ) أي لا يصدقون بالله ولا بيوم الحساب فلا ثواب في نظرهم ولا عقاب (وَمَنْ يَكُنِ الشَّيْطانُ لَهُ قَرِيناً فَساءَ قَرِيناً) أي صاحبا في الدنيا والآخرة فبئس القرين هو يزين له البخل والكفر فيرديه في العذاب المهين.
٣٩ ـ (وَما ذا عَلَيْهِمْ لَوْ آمَنُوا بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ...) أي أيّ ضرر يقع عليهم إذا صدّقوا بالله والبعث والحساب (وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقَهُمُ اللهُ) وأدّوا حقوق أموالهم لمستحقّيها فجمعوا بين الإنفاق والإيمان لينفعهم إنفاقهم. (وَكانَ اللهُ بِهِمْ عَلِيماً) يجازيهم وفق أعمالهم.
٤٠ ـ (إِنَّ اللهَ لا يَظْلِمُ مِثْقالَ ذَرَّةٍ ...) أي أنه سبحانه لا ينقص من أجر أحد ولا يزيد في عقابه بمقدار زنة الذّرة ، وهي أصغر جزء متصور من الشيء (وَإِنْ تَكُ) وإن تكن الذرة (حَسَنَةً يُضاعِفْها) أي يزيدها بمقدار المثل أو أكثر (وَيُؤْتِ مِنْ لَدُنْهُ أَجْراً عَظِيماً) يعطي من عنده في الآخرة عطاء كثيرا وهو الجنة.
٤١ ـ (فَكَيْفَ إِذا جِئْنا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ) ... أي فكيف يكون حال هؤلاء يوم القيامة إذا أحضرنا شاهدا من كل أمّة (وَجِئْنا بِكَ) يا محمد (عَلى هؤُلاءِ شَهِيداً) تشهد على أمتك بمن فيهم هؤلاء الذين يسمعون الدعوة ولا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر ...
٤٢ ـ (يَوْمَئِذٍ يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَعَصَوُا الرَّسُولَ ...) يومئذ ، يعني : يوم القيامة يتمنى الذين كفروا بالله وخالفوا رسوله (لَوْ تُسَوَّى بِهِمُ الْأَرْضُ) أي يتمنّون لو لم يبعثوا وكانوا ترابا ، هم والأرض سواء. (وَلا يَكْتُمُونَ اللهَ حَدِيثاً) ولا يقدرون على إخفاء شيء من الله لأن جوارحهم سوف تشهد عليهم يومئذ.
٤٣ ـ (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ وَأَنْتُمْ سُكارى ...) أي لا تقوموا إلى الصلاة وقيل المساجد حال كونكم في سكر (حَتَّى تَعْلَمُوا ما تَقُولُونَ) حتى تعوا ما تقرأونه وما تؤدونه من أفعال الصلاة. (وَلا جُنُباً) والجنب من أمنى فلا يجوز له أن يقرب الصلاة (إِلَّا عابِرِي سَبِيلٍ) أي لا تدخلوا المساجد في حال الجنابة إلّا اجتيازا من باب إلى باب (حَتَّى تَغْتَسِلُوا) من الجنابة (وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضى) تشكون من علة وتخافون على أنفسكم من استعمال الماء للوضوء أو الغسل (أَوْ عَلى سَفَرٍ) في حال سفر مع فقدان الماء (أَوْ جاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغائِطِ) كناية عن الحدث ، (أَوْ لامَسْتُمُ النِّساءَ) أي جامعتموهنّ. (فَلَمْ تَجِدُوا ماءً) لتغتسلوا من الجنابة إما لفقده أو لعدم تمكّنكم من استعماله. (فَتَيَمَّمُوا صَعِيداً طَيِّباً) أي باشروا التيمّم بالتراب النظيف الطاهر ، والكيفية : (فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ) بالأثر الباقي من ذلك التراب (إِنَّ اللهَ كانَ عَفُوًّا غَفُوراً) فهو متجاوز عن الذنوب كثير الستر لها.
٤٤ ـ (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيباً مِنَ الْكِتابِ ...) ألا تنظر يا محمد إلى هؤلاء الذين أعطوا حظّا قليلا من علم التوراة؟ (يَشْتَرُونَ الضَّلالَةَ) أي يستبدلون الكفر بالإيمان لكتمانهم نبوة محمد (ص) (وَيُرِيدُونَ أَنْ تَضِلُّوا السَّبِيلَ) ويحبون أن تتيهوا عن طريق الحق وتضيعوا عنه مثلما ضاعوا.