١٠٩ ـ (وَلِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ) أي أنه مالك حقيقة لما في الكون (وَإِلَى اللهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ) يعني أنه سبحانه قد ملّك عباده في الدنيا أمورا وأباح لهم التصرف فيها ، ولكن ذلك كله يزول في الآخرة ويرجع إليه الأمر كله.
١١٠ ـ (كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللهِ ...) أي صرتم خير أمة خلقت لأمركم بالمعروف ونهيكم عن المنكر وإيمانكم بالله ورسوله واليوم الآخر. (وَلَوْ آمَنَ أَهْلُ الْكِتابِ) إيمانا صادقا بالله ورسوله (لَكانَ خَيْراً لَهُمْ) في الدنيا حيث ينجون من القتل والمذلة ومن عذاب الله في الآخرة. (مِنْهُمُ الْمُؤْمِنُونَ) بعضهم المصدّقون بما ورد في كتبهم من صفة محمد (ص) ونبوته. بما دلت عليه كتبهم من أوصاف نبينا والبشارة به ، كعبد الله ابن سلام وأصحابه من اليهود ، والنجاشي وتابعيه من النصارى (وَأَكْثَرُهُمُ الْفاسِقُونَ) وهم الخارجون عن طاعة الله.
١١١ ـ (لَنْ يَضُرُّوكُمْ إِلَّا أَذىً ...) أي أنه لا يصل إليكم من أهل الكتاب ضرر في أموالكم ولا أنفسكم اللهم إلا ما يسببونه من أذى بألسنتهم لكم. (وَإِنْ يُقاتِلُوكُمْ يُوَلُّوكُمُ الْأَدْبارَ) أي حين يجاوزون الأذى باللسان إلى القتال والمحاربة ، فإنهم ينهزمون أمامكم (ثُمَّ لا يُنْصَرُونَ) أي لا يعانون عليكم ، ولا يمنعون منكم.
١١٢ ـ (ضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ ...) فهي محيطة بهم ، ومطبقة عليهم إحاطة البيت المضروب على أهله. (أَيْنَ ما ثُقِفُوا) يعني أين وجدوا (إِلَّا بِحَبْلٍ مِنَ اللهِ وَحَبْلٍ مِنَ النَّاسِ) أي أنهم لا منعة لهم إلا أن يعتصموا بذمة الله أو ذمة المسلمين (وَباؤُ بِغَضَبٍ مِنَ اللهِ) أي رجعوا بعذاب الله ولعنه (وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الْمَسْكَنَةُ) أي الذلة لأن المسكين يكون ذليلا. وقيل الذلة الفقر والضعف (ذلِكَ بِأَنَّهُمْ كانُوا يَكْفُرُونَ بِآياتِ اللهِ) أي بسبب كفرهم بها (وَيَقْتُلُونَ الْأَنْبِياءَ بِغَيْرِ حَقٍ) كما هي سيرتهم الغادرة (ذلِكَ) أي الكفر وقتل الأنبياء (بِما عَصَوْا وَكانُوا يَعْتَدُونَ) أي بسبب عصيانهم واعتدائهم وتجاوزهم عن حدود الشرع وما سنّه الله لعباده.
١١٣ ـ (لَيْسُوا سَواءً ...) أي ليسوا جميعهم على شاكلة واحدة في الضلالة والجهالة ، بل (مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ أُمَّةٌ قائِمَةٌ) أي أن منهم جماعة مستقيمة عادلة. أو قائمة للعبادة (يَتْلُونَ آياتِ اللهِ آناءَ اللَّيْلِ وَهُمْ يَسْجُدُونَ) يقرءون آيات القرآن في ساعات الليل وأوقاته ويسجدونه تعظيما لله وقيل يصلّون.
١١٤ ـ (يُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ) أي يصدقون بالله ويوم الجزاء (وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُسارِعُونَ فِي الْخَيْراتِ) قيل : المعروف هو الإقرار بنبوة محمد (ص) والمنكر نقيضه وهم يبادرون إلى فعل الطاعات (وَأُولئِكَ) أي الموصوفون بالصفات الطيبة (مِنَ الصَّالِحِينَ) أي في عداد الصالحين وهو رد لقول اليهود لعنهم الله : ما آمن بمحمد إلا شرارنا.
١١٥ ـ (وَما يَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ ...) أي ما يعملوا من طاعة (فَلَنْ يُكْفَرُوهُ) أي فلن يجحد ولن يستر بمنع الثواب أو إنقاصه. (وَاللهُ عَلِيمٌ بِالْمُتَّقِينَ) أي هو عالم جدا بأحوالهم فيجازيهم أحسن الجزاء.