سورة المزّمل
مكية ، عدد آياتها ٢٠ آية
١ ـ ٤ ـ (يا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ ، قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلاً ...) المزّمّل هو المتزمّل بثيابه أي الملتفّ بها ، الخطاب للنبيّ (ص) ، يعني يا أيها المتزمل بسربال النبوّة الحامل لأثقال الرسالة ، قم الليل للصلاة ولا تنم منه إلّا قليلا. (نِصْفَهُ) أي نصف الليل (أَوِ انْقُصْ مِنْهُ قَلِيلاً) من النصف الذي تقومه للصلاة (أَوْ زِدْ عَلَيْهِ) أي زد على النصف (وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلاً) أي اقرأه مرتلا بفصاحة وتجويد متمهلا بحيث تنطق نطقا صحيحا بجميع الحروف وتفعل ذلك مترسّلا ، (إِنَّا سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلاً ثَقِيلاً) أي سننزل عليك من الوحي ما يثقل عليك لما فيه من تبليغ الرسالة وما يثقل على الأمة لما فيه من الأمر والنهي والحدود.
٦ ـ ١٠ ـ (إِنَّ ناشِئَةَ اللَّيْلِ هِيَ أَشَدُّ وَطْئاً ...) أي إن ساعات الليل المتوالية لأنها تنشأ ساعة بعد ساعة ، هي أكثر ثقلا ومشقّة على قائم الليل للصلاة لأن الليل وقت الراحة والسكون. (وَأَقْوَمُ قِيلاً) أي أكثر استقامة للقول لانقطاع القلب إلى العبادة وانصراف الفكر إلى التدبّر. (إِنَّ لَكَ فِي النَّهارِ سَبْحاً طَوِيلاً) أي أن لك يا محمد في النهار منصرفا إلى حوائجك ومشاغلك الكثيرة (وَاذْكُرِ اسْمَ رَبِّكَ وَتَبَتَّلْ إِلَيْهِ تَبْتِيلاً) أي اذكر أسماء ربّك التي تعبّد عباده بالدعاء بها والسؤال والابتهال. وأخلص له إخلاصا في دعائك وعبادتك (رَبُّ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ) أي رب العالم جميعه لأنه يقع بين المشرق والمغرب (لا إِلهَ إِلَّا هُوَ) أي لا تحق العبادة لسواه (فَاتَّخِذْهُ وَكِيلاً) اجعله حافظا لأمرك. وفوّض أمرك إليه (وَاصْبِرْ عَلى ما يَقُولُونَ) أي تحمّل أذى ما يقوله الكفّار من تكذيبك (وَاهْجُرْهُمْ هَجْراً جَمِيلاً) أي اتركهم ولكن لا تتخلّ عن دعوتهم إلى الحق.
١١ ـ ١٤ ـ (وَذَرْنِي وَالْمُكَذِّبِينَ أُولِي النَّعْمَةِ ...) دعني يا محمد مع هؤلاء المكذّبين لك في الدعوة إلى الله والإخلاص في العبادة له من المتنعّمين بثراء الدنيا (وَمَهِّلْهُمْ قَلِيلاً) أي أعطهم مهلة قليلة لينزل بهم غضبنا. ولم يكن إلّا وقت يسير حتى كانت وقعة بدر التي أزهقت صناديدهم (إِنَّ لَدَيْنا أَنْكالاً) أي عندنا قيودا (وَجَحِيماً) ونارا عظيمة الاستعار ، (وَطَعاماً ذا غُصَّةٍ) أي ذا شوك يعترض في الحلق فلا يدخل ولا يخرج (وَعَذاباً أَلِيماً) وعقابا موجعا (يَوْمَ تَرْجُفُ الْأَرْضُ) أي تضطرب بشدّة (وَالْجِبالُ) أيضا تضطرب (وَكانَتِ الْجِبالُ كَثِيباً مَهِيلاً) أي وتصير رملا سائلا متناثرا.
١٥ ـ ١٩ ـ (إِنَّا أَرْسَلْنا إِلَيْكُمْ رَسُولاً شاهِداً عَلَيْكُمْ ...) يعني إننّا بعثنا إليكم محمدا (ص) رسولا من عندنا يشهد عليكم في الآخرة بما كان منكم في الدنيا (كَما أَرْسَلْنا إِلى فِرْعَوْنَ رَسُولاً) هو موسى (ع) (فَعَصى فِرْعَوْنُ الرَّسُولَ) لم يقبل دعوته (فَأَخَذْناهُ) بالعذاب (أَخْذاً وَبِيلاً) شديدا مدمّرا له ولجنوده مع كثرتهم (فَكَيْفَ تَتَّقُونَ إِنْ كَفَرْتُمْ يَوْماً يَجْعَلُ الْوِلْدانَ شِيباً؟) أي كيف تتجنّبون إذا كفرتم برسولنا محمد (ص) يوما تشيب فيه الأطفال من شدّة الأهوال؟ (السَّماءُ مُنْفَطِرٌ بِهِ) أي تتشقّق في ذلك اليوم (كانَ وَعْدُهُ مَفْعُولاً) أي حاصلا لا خلف فيه (إِنَّ هذِهِ تَذْكِرَةٌ) أي أن هذه الصفة التي ذكرناها من الهول هي عظة لمن أهمّته نفسه (فَمَنْ شاءَ) أراد (اتَّخَذَ إِلى رَبِّهِ سَبِيلاً) سلك طريقا إلى نيل الثواب من ربّه.