٢١ ـ (وَاذْكُرْ أَخا عادٍ إِذْ أَنْذَرَ قَوْمَهُ بِالْأَحْقافِ ...) المراد بأخي عاد هو هود (ع) أي واذكر يا محمد لقومك من أهل مكة هودا (ع) إذ خوف قومه بالله تعالى ودعاهم إلى طاعته وكانوا يسكنون واديا يسمى بالأحقاف بين عمان ومهرة كما قيل. (وَقَدْ خَلَتِ النُّذُرُ ...) إلخ أي مضت الرسل قبل هود وبعده بالنسبة إلى هؤلاء القوم (أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا اللهَ) فإنه الحقيق بالعبادة لا غيره (إِنِّي أَخافُ عَلَيْكُمْ عَذابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ) إن عبدتم غيره. وهذا بيان إنذار هود للعاديّين.
٢٢ ـ (قالُوا أَجِئْتَنا لِتَأْفِكَنا عَنْ آلِهَتِنا ...) يعني : هل بعثت إلينا لتصرفنا عن عبادة أربابنا (فَأْتِنا بِما تَعِدُنا) من العذاب على الشّرك (إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ) في وعيدك من نزول العذاب علينا إذا لم نؤمن بإلهك.
٢٣ ـ (قالَ إِنَّمَا الْعِلْمُ عِنْدَ اللهِ ...) أي يأتيكم به هو تعالى في الوقت المقدّر له وليس الأمر بيدي ولا أنا أعلم وقته. (وَأُبَلِّغُكُمْ ما أُرْسِلْتُ بِهِ) أي ما عليّ إلا بلاغ ما أمرت بتبليغه إليكم. (وَلكِنِّي أَراكُمْ قَوْماً تَجْهَلُونَ) حيث إنكم لا تعلمون أنّ شغل الرّسل هو الإبلاغ والإنذار لا التعذيب. ويحتمل أن تكون نسبة الجهل إليهم لاستعجالهم العذاب.
٢٤ ـ (فَلَمَّا رَأَوْهُ عارِضاً مُسْتَقْبِلَ أَوْدِيَتِهِمْ ...) أي نظروا إلى السّماء فرأوا سحابا عرض في أفق السماء متوجّها نحو أوديتهم فاستبشروا (قالُوا هذا عارِضٌ مُمْطِرُنا) أي غيم يمطرنا ويرغد حياتنا. فقال هود : (بَلْ هُوَ مَا اسْتَعْجَلْتُمْ بِهِ) من العذاب الموعود (رِيحٌ فِيها عَذابٌ أَلِيمٌ) أي شديد مؤلم.
٢٥ ـ (تُدَمِّرُ كُلَّ شَيْءٍ بِأَمْرِ رَبِّها ...) أي الرّيح تهلك كل شيء تمر به من الناس والدواب والأموال لشدتها (فَأَصْبَحُوا لا يُرى إِلَّا مَساكِنُهُمْ) أي لا يرى أحد في تلك البوادي التي كانوا يسكنونها إلّا آثار منازلهم ، (كَذلِكَ نَجْزِي الْقَوْمَ الْمُجْرِمِينَ) أي كما جزيناهم نجزي من هم أمثالهم من الكافرين.
٢٦ ـ (وَلَقَدْ مَكَّنَّاهُمْ فِيما إِنْ مَكَّنَّاكُمْ فِيهِ ...) أي أعطيناهم من المكنة والقدرة ما لم نعطكم مثلها من القوة في الأبدان والبسطة في الأجسام وكثرة الأموال ، والطّول في الأعمار. (وَجَعَلْنا لَهُمْ سَمْعاً وَأَبْصاراً وَأَفْئِدَةً) أي خلقنا لهم الحواس الصحيحة التي بها كان يمكنهم أن يدركوا الحجج التي توصلهم إلى الإيمان (فَما أَغْنى عَنْهُمْ سَمْعُهُمْ وَلا أَبْصارُهُمْ وَلا أَفْئِدَتُهُمْ مِنْ شَيْءٍ) أي لم تنفعهم جميع تلك الحواس لأنهم أهملوها ولم يستعملوها في النظر والتدبر (إِذْ كانُوا يَجْحَدُونَ بِآياتِ اللهِ) أي ينكرونها مع كونها في غاية الظهور في الدّلالة على التوحيد (وَحاقَ بِهِمْ ما كانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُنَ) أي نزل عليهم من العذاب والعقاب الأليم لاستهزائهم بالأنبياء والرّسل وبما جاءوا به من الكتب والشرائع.
٢٧ ـ (وَلَقَدْ أَهْلَكْنا ما حَوْلَكُمْ ...) الخطاب لأهل مكّة. أي أهلكنا من هم حواليكم (مِنَ الْقُرى) يعني أهلها كعاد وثمود وقوم لوط (وَصَرَّفْنَا الْآياتِ) أي كرّرناها تارة في الإعجاز ، وتارة في الإهلاك ، وأخرى في التّذكير وطورا في وصف الأبرار ومرّة في ذمّ الفجّار (لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ) أي يعودون عن كفرهم.
٢٨ ـ (فَلَوْ لا نَصَرَهُمُ الَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللهِ ...) إلخ أي فهلّا منع العذاب عن هؤلاء المهلكين أولئك الذين كانوا يعبدونهم في الدنيا ويزعمون أنهم بعبادتهم لهم يقربونهم إلى الله. والاستفهام للإنكار ، أي لم ينصرهم (بَلْ ضَلُّوا عَنْهُمْ) أي غابوا عنهم عند حلول العذاب. (وَذلِكَ إِفْكُهُمْ) أي اتّخاذهم الأصنام آلهة كذبهم (وَما كانُوا يَفْتَرُونَ) أي يكذبون على الله في أنها آلهة تعبد من دونه.