٨ ـ (رَبَّنا وَأَدْخِلْهُمْ جَنَّاتِ عَدْنٍ ...) أي مع توبتهم وقبولها ووقايتهم النّار فحينئذ أدخلهم (جَنَّاتِ عَدْنٍ) إلى قوله : (وَذُرِّيَّاتِهِمْ) وقد سألوه سبحانه دخول هؤلاء مع دخول التائبين ليتمّ سرورهم ولتعظيم التائبين وإعظام شأنهم ، ولتشويق الناس إلى التوبة والاستغفار (إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ) مر معناه.
٩ ـ (وَقِهِمُ السَّيِّئاتِ ...) أي عقوباتها ، (وَمَنْ تَقِ السَّيِّئاتِ يَوْمَئِذٍ فَقَدْ رَحِمْتَهُ) أي ومن تصونه من عقوبات أعماله وجزاء سيّئاته يوم الجزاء فقد أنعمت عليه. (وَذلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ) أي الظفر العظيم بالبغية.
١٠ ـ (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يُنادَوْنَ لَمَقْتُ اللهِ أَكْبَرُ ...) المقت أشد البغض أي أن الملائكة ينادونهم يوم القيامة وهم في النار ، والمراد خزنة جهنّم : إنّ عداوة الله أكبر (مِنْ مَقْتِكُمْ أَنْفُسَكُمْ) والمعنى أنّ الكفرة لمّا رأوا أعمالهم ونظروا في كتابهم وأدخلوا النّار مقتوا أنفسهم الأمّارة بالسوء ، فنودوا لمقت الله إيّاكم في الدنيا (إِذْ تُدْعَوْنَ إِلَى الْإِيمانِ فَتَكْفُرُونَ) أكبر من مقتكم أنفسكم اليوم وبغضكم لها.
١١ ـ (قالُوا رَبَّنا أَمَتَّنَا اثْنَتَيْنِ ...) إلخ الأولى في الدّنيا بعد الحياة فيها ، والثانية في القبر بعد الإحياء فيه للسّؤال (فَاعْتَرَفْنا بِذُنُوبِنا) أي بإنكارنا البعث وما يتبعه. (فَهَلْ إِلى خُرُوجٍ مِنْ سَبِيلٍ) أي أيوجد طريق نسلكه حتى نخرج ونتخلّص من هذا العذاب الشديد والجواب مقدّر أي : لا سبيل لكم.
١٢ ـ (ذلِكُمْ بِأَنَّهُ إِذا دُعِيَ اللهُ وَحْدَهُ ...) أي ذلكم العذاب الذي حلّ بكم بسبب أنّه كان إذا تفوّه المسلمون بكلمة التوحيد (كَفَرْتُمْ) يعني بتوحيده (وَإِنْ يُشْرَكْ بِهِ تُؤْمِنُوا) أي تسلّموا بالإشراك به (فَالْحُكْمُ) في تعذيبكم والفصل بين المحق والمبطل (لِلَّهِ الْعَلِيِ) شأنه (الْكَبِيرِ) العظيم في كبريائه.
١٣ ـ (هُوَ الَّذِي يُرِيكُمْ آياتِهِ ...) أي مخلوقاته الدالة على التوحيد والقدرة والحكمة (وَيُنَزِّلُ لَكُمْ مِنَ السَّماءِ رِزْقاً) من المطر الذي ينبت بسببه ما هو رزق للخلق (وَما يَتَذَكَّرُ إِلَّا مَنْ يُنِيبُ) أي يرجع إلى الله ويقبل على طاعته ويتجافى عن معصيته.
١٤ ـ (فَادْعُوا اللهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ ...) أي وجّهوا عبادتكم إليه وحده ونزّهوها عن الشرك (وَلَوْ كَرِهَ الْكافِرُونَ) أي ولو مقتوا إخلاصكم وشقّ عليهم.
١٥ ـ (رَفِيعُ الدَّرَجاتِ ...) أي رافع درجات الأنبياء والأولياء في الجنّة أو أنه سبحانه عالي الصّفات (ذُو الْعَرْشِ) يعني مالكه وربّه المستولي عليه. (يُلْقِي الرُّوحَ مِنْ أَمْرِهِ) إلخ أي القرآن من عالم الأمر وكل كتاب أنزله الله على أنبيائه. وقيل الروح هو الوحي أي يلقي الوحي على قلب من يشاء من عباده الذين يخصّهم بالرّسالة ويجدهم أهلا لها. (لِيُنْذِرَ يَوْمَ التَّلاقِ) أي ليخوّف الناس بما يوحى إليه من يوم القيامة حيث يتلاقى الخلق في ذلك اليوم.
١٦ ـ (يَوْمَ هُمْ بارِزُونَ ...) أي خارجون من قبورهم لا يسترهم شيء ، أو بارزة سرائرهم (لا يَخْفى عَلَى اللهِ مِنْهُمْ شَيْءٌ) أي من أعمالهم وأقوالهم وضمائرهم (لِمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ ، لِلَّهِ الْواحِدِ الْقَهَّارِ) حكاية لما يسأل عنه ولما يجاب به وقيل بأن السائل والمجيب هو الله سبحانه.