٦٨ ـ (وَنُفِخَ فِي الصُّورِ ...) يعني النفخة الأولى. والصّور قرن ينفخ فيه إسرافيل (ع) (فَصَعِقَ مَنْ فِي السَّماواتِ وَمَنْ
فِي الْأَرْضِ) أي يموت كلّ ذي روح في السّماوات وفي الأرض من شدّة تلك
الصّيحة. (إِلَّا مَنْ شاءَ
اللهُ) أي شاء أن لا يموت كحملة العرش أو غيرهم (ثُمَّ نُفِخَ فِيهِ أُخْرى) أي مرة أخرى (فَإِذا هُمْ قِيامٌ
يَنْظُرُونَ) أي يقلّبون أبصارهم في الجوانب كالذي بهت أو ينتظرون ما
يفعل بهم.
٦٩ ـ (وَأَشْرَقَتِ الْأَرْضُ بِنُورِ رَبِّها
...) أي بعدله المزيّن لها والمظهر للحقوق فيها كما أن بالنّور
تزيّن الأمكنة المظلمة. (وَوُضِعَ الْكِتابُ) للحساب. والمراد جنس الكتاب ، أي صحائف الأعمال في أيادي أهلها.
(وَجِيءَ
بِالنَّبِيِّينَ) لدعوى إبلاغ الأحكام وكلّ ما أمروا به الأمّة ، أو لإلزام
الحجة عليهم (وَالشُّهَداءِ) أي الملائكة الموكّلين بالمكلّفين ليشهدوا على صحّة دعوى
الأنبياء وتكذيب الأمّة لهم (ع) ، أو الشهداء في سبيل الحق لمزيد شرافتهم (وَقُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْحَقِ) أي يفصل بينهم بالعدل (وَهُمْ لا
يُظْلَمُونَ) لا بنقص ثواب ولا بزيادة عقاب.
٧٠ ـ (وَوُفِّيَتْ كُلُّ نَفْسٍ ما عَمِلَتْ
...) أي تستوفي كلّ نسمة جزاء عملها إن خيرا فخير وإن شرّا فشر (وَهُوَ أَعْلَمُ بِما يَفْعَلُونَ) من الخير والشرّ.
٧١ ـ (وَسِيقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلى
جَهَنَّمَ زُمَراً ...) أي يدفعهم ملائكة العذاب إلى النار بعنف فوجا بعد فوج (حَتَّى إِذا جاؤُها فُتِحَتْ أَبْوابُها) أي تفتح أبواب جهنّم عند وصول هؤلاء الكفرة إليها. (وَقالَ لَهُمْ خَزَنَتُها أَلَمْ
يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ) أي يقول لهم الموكلون بها ذلك تقريعا وتوبيخا. (يَتْلُونَ عَلَيْكُمْ آياتِ رَبِّكُمْ) أي حججه وما يدلّكم على معرفته وتوحيده ووجوب عبادته (وَيُنْذِرُونَكُمْ لِقاءَ يَوْمِكُمْ
هذا) ويخوفونكم من عذاب هذا اليوم (قالُوا بَلى وَلكِنْ
حَقَّتْ كَلِمَةُ الْعَذابِ عَلَى الْكافِرِينَ) أي نعم قد جاءتنا الآيات والرّسل وخوّفونا ذلك اليوم وهذه
النار لكن وجب العقاب من الله على من جحد بما جاءت به رسله.
٧٢ ـ (قِيلَ ادْخُلُوا أَبْوابَ جَهَنَّمَ
خالِدِينَ فِيها ...) أي يقول لهم الموكلون بها ادخلوا أي باب شئتم من أبواب
النار لا آخر لعقابكم. (فَبِئْسَ مَثْوَى
الْمُتَكَبِّرِينَ) أي جهنم بئس موضع لأرباب الأنفة والترفع عن الحق والحقيقة.
٧٣ ـ (وَسِيقَ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ
إِلَى الْجَنَّةِ زُمَراً ...) أي حثّوهم على المسير إلى مقرّهم الأبدي الذي هيّئ لهم
زمرة بعد زمرة ، معظمين مكرّمين. (حَتَّى إِذا جاؤُها
وَفُتِحَتْ أَبْوابُها) أي وفتحت أبوابها قبل وصولهم إليها (وَقالَ لَهُمْ خَزَنَتُها) أي الموكلون بها من الملائكة (سَلامٌ عَلَيْكُمْ
طِبْتُمْ فَادْخُلُوها خالِدِينَ) بشارة بالسّلامة من المكاره وطبتم نفسا أو طاب لكم المقام
بالعمل الصالح فادخلوا الجنة مؤبدين في نعيمها.
٧٤ ـ (وَقالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي
صَدَقَنا وَعْدَهُ ...) أي وعده لنا على ألسنة رسله بالبعث والنعيم والثواب ، (وَأَوْرَثَنَا الْأَرْضَ) أي أرض الجنّة ، (نَتَبَوَّأُ مِنَ
الْجَنَّةِ حَيْثُ نَشاءُ فَنِعْمَ أَجْرُ الْعامِلِينَ) أي ننزل من الجنة كلّ مكان نريده ونسكن فيها فنعم ثواب
المحسنين هي.
٧٥ ـ (وَتَرَى الْمَلائِكَةَ حَافِّينَ ...) أي محدقين (مِنْ حَوْلِ
الْعَرْشِ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ) ذاكرين له بوصف جلاله وإكرامه تلذّذا به ... (وَقُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْحَقِ) أي بين الخلق بالعدل (وَقِيلَ الْحَمْدُ
لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ) والقائل هو الملائكة أو المؤمنون على ما قضي بينهم بالحق.