٤٨ ـ (وَبَدا لَهُمْ سَيِّئاتُ ما كَسَبُوا ...) أي يوم القيامة ظهر لهم أيضا جزاء سيّئات أعمالهم في الدنيا (وَحاقَ بِهِمْ) أي أحاط بهم من كل جانب (ما كانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُنَ) أي العذاب الذي كانوا يسخرون منه عند ما كان النبي (ص) يخوفهم منه.
٤٩ ـ (فَإِذا مَسَّ الْإِنْسانَ ضُرٌّ ...) من مرض أو شدة أو قحط أو غيرها (دَعانا) أي استغاث بنا لكشف ما أصابه (ثُمَّ إِذا خَوَّلْناهُ نِعْمَةً مِنَّا) أي أعطيناه سعة في المال أو العافية في البدن تفضّلا منّا لا على وجه الاستحقاق (قالَ إِنَّما أُوتِيتُهُ عَلى عِلْمٍ) أي أخذته من الله باستحقاقي له ، أو بعلم منّي بكيفيّة جلبه وكسبه. (بَلْ هِيَ فِتْنَةٌ) يقول تعالى ردّا عليه : ليس الأمر كما يزعم ، بل هو اختبار وامتحان ابتلاه الله بهما ليعلم أيشكر أم يكفر (وَلكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ) ان النعمة امتحان للعباد بالشكر وعدمه كما أن البلاء كذلك.
٥٠ و ٥١ ـ (قَدْ قالَهَا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ ...) أي تلك المقالة (إِنَّما أُوتِيتُهُ عَلى عِلْمٍ) وهو قارون (فَما أَغْنى عَنْهُمْ ما كانُوا يَكْسِبُونَ) أي لم ينفعهم ما كانوا يجمعونه من متاع الدنيا (فَأَصابَهُمْ سَيِّئاتُ ما كَسَبُوا) أي أصابهم جزاء أعمالهم السيئة. (وَالَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْ هؤُلاءِ) أي من كفّار قومك بعتوّهم وجحودهم (سَيُصِيبُهُمْ سَيِّئاتُ ما كَسَبُوا) كما أصاب أولئك. (وَما هُمْ بِمُعْجِزِينَ) أي بفائتين تعذيبنا إيّاهم.
٥٢ ـ (أَوَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّ اللهَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ ...) إلخ أي يوسّع الرزق على من يشاء ويضيّق على من يشاء بحسب ما يرى من المصلحة وتقتضي حكمته. (إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ) أي في بسط الرزق وقبضه دلالات واضحات (لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ) يصدّقون بالتوحيد وبأنه الباسط والقابض لأنّهم المنتفعون بهذه الدلالات.
٥٣ ـ (قُلْ يا عِبادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلى أَنْفُسِهِمْ ...) أي أفرطوا في الجناية عليهم بإقرارهم (لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللهِ) لا تيأسوا من المغفرة والعفو (إِنَّ اللهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ) واضح المعنى وهذه أرجى آية في كتاب الله سبحانه.
٥٤ و ٥٥ ـ (وَأَنِيبُوا إِلى رَبِّكُمْ وَأَسْلِمُوا لَهُ ...) أي ارجعوا إلى الله توبة عمّا سلف وتسليما لما خلف حتّى يغفر لكم جميع ما سلف. (مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ الْعَذابُ ثُمَّ لا تُنْصَرُونَ) حيث إن التوبة بعد وقوع العذاب لا تفيد ولا تمنع منه. (وَاتَّبِعُوا أَحْسَنَ ما أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ) والمراد بما أنزل هو القرآن و (أَحْسَنَ) حلاله وحرامه واجباته ومحرّماته (مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ الْعَذابُ بَغْتَةً وَأَنْتُمْ لا تَشْعُرُونَ) أي لا تلتفتون حين مجيئه حتى تتداركوه.
٥٦ ـ (أَنْ تَقُولَ نَفْسٌ يا حَسْرَتى ...) أي خوف أن يقول الإنسان يا ندمي أين أنت منّي ، ويا حسرتي احضريني (عَلى ما فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللهِ) أي قصّرت في حقّه تعالى أو في طاعته (وَإِنْ كُنْتُ لَمِنَ السَّاخِرِينَ) أي إنّي كنت لمن المستهزئين بالقرآن والرّسول والمؤمنين.