٤٣ ـ (وَوَهَبْنا لَهُ أَهْلَهُ ...) مر تفسيره في سورة الأنبياء. (رَحْمَةً مِنَّا وَذِكْرى لِأُولِي الْأَلْبابِ) أي فعلنا ذلك به لرحمتنا إيّاه وليتذكّر ويعتبر به أصحاب العقول.
٤٤ ـ (وَخُذْ بِيَدِكَ ضِغْثاً ...) أي قبضة حشيش يختلط فيها الرّطب باليابس. (فَاضْرِبْ بِهِ) زوجتك ضربة واحدة وكان (ع) قد حلف أن يضربها مائة جلدة لأمر أنكره عليها. (وَلا تَحْنَثْ) بترك ضربها ، (إِنَّا وَجَدْناهُ صابِراً) على ما أصابه في النفس والأهل والمال من البلاء الذي ابتليناه به (نِعْمَ الْعَبْدُ) أيّوب (إِنَّهُ أَوَّابٌ) أي رجّاع منقطع إلى الله بكلّ وجوده.
٤٥ ـ (وَاذْكُرْ عِبادَنا إِبْراهِيمَ وَإِسْحاقَ وَيَعْقُوبَ ...) أي اذكر يا محمد لأمّتك وقومك عبادنا الصالحين هؤلاء. (أُولِي الْأَيْدِي وَالْأَبْصارِ) أي ذوي القوّة في الطاعة ، والبصيرة في الدّين. أو أولي العلم والعمل.
٤٦ ـ (إِنَّا أَخْلَصْناهُمْ بِخالِصَةٍ ...) أي جعلناهم خالصين بخصلة لا شوب فيها وهي (ذِكْرَى الدَّارِ) أي تذكّرهم للآخرة دائما.
٤٧ ـ (وَإِنَّهُمْ عِنْدَنا لَمِنَ الْمُصْطَفَيْنَ الْأَخْيارِ ...) أي المختارين حسب ما سبق علمنا المختارين بنعمة النبوّة وتحمّل أعباء الخلافة والرسالة الفعّالين للأفعال الحسنة الكثيرة.
٤٨ ـ (وَاذْكُرْ إِسْماعِيلَ وَالْيَسَعَ وَذَا الْكِفْلِ ...) أي اذكر لأمّتك هؤلاء الكرام من المذكورين أيضا ليقتدوا بهم ويسلكوا سبيلهم. واليسع هو ابن اخطوب استخلفه إلياس على بني إسرائيل وكان من الأنبياء وأما ذو الكفل فهو ابن عم اليسع وقيل هو ابن أيوب النبي ، وقيل غير ذلك. (وَكُلٌّ مِنَ الْأَخْيارِ) أي من الذين اختارهم الله للرّسالة.
٤٩ ـ (هذا ذِكْرٌ وَإِنَّ لِلْمُتَّقِينَ لَحُسْنَ مَآبٍ ...) أي هذا ذكر لهؤلاء الأنبياء الشرفاء الذين يستحقّون المدح والثناء الجميل يذكرون به في الدنيا دائما. ولهم حسن المرجع يرجعون إليه في الآخرة ، وهو ثواب الله.
٥٠ ـ (جَنَّاتِ عَدْنٍ مُفَتَّحَةً لَهُمُ الْأَبْوابُ ...) أي جنّات إقامة وخلود ، حين يردونها يجدون أبوابها مفتوحة.
٥١ ـ (مُتَّكِئِينَ فِيها ...) أي مستندين فيها إلى المساند ، (يَدْعُونَ فِيها بِفاكِهَةٍ كَثِيرَةٍ وَشَرابٍ) فكلّما أرادوا فاكهة يأمرون سدنتهم بها ، أو يتحكّمون في شرابها وثمارها فإذا قالوا لشيء منها أقبل أو اشتهوه حصل عندهم.
٥٢ ـ (وَعِنْدَهُمْ قاصِراتُ الطَّرْفِ أَتْرابٌ ...) وعندهم في الجنان أزواج قصرن طرفهن عليهم راضيات بهم مالهن في غير أزواجهن رغبة. وتلك الزوجات أقران على سن واحد ليس فيهن عجوز ولا طفلة.
٥٣ ـ (هذا ما تُوعَدُونَ لِيَوْمِ الْحِسابِ ...) أي أن المذكور آنفا هو الذي كنتم توعدون به بواسطة الأنبياء ليوم الجزاء.
٥٤ ـ (إِنَّ هذا لَرِزْقُنا ما لَهُ مِنْ نَفادٍ ...) أي يقول أصحاب الجنة : هذه النعم الجزيلة التي أنعم بها علينا بلطفه هي رزقنا الذي لا يزال ثابتا غير منقطع. ويحتمل أن يكون هذا من كلامه تعالى.
٥٥ ـ (هذا ، وَإِنَّ لِلطَّاغِينَ ...) أي ما ذكرناه من أمر الجنة جزاء أعمال المتّقين. أمّا جزاء المتجاوزين حدود العبوديّة بالطغيان على الله تعالى وتكذيب الرّسل فإن لهم (لَشَرَّ مَآبٍ) وقد فسّر ذلك الشرّ بقوله سبحانه :
٥٦ ـ (جَهَنَّمَ يَصْلَوْنَها ...) أي يدخلونها حال كونهم ملازمين النّار (فَبِئْسَ الْمِهادُ) أي بئس المسكن المفروش الذي هيّئ لهم.
٥٧ ـ (هذا فَلْيَذُوقُوهُ حَمِيمٌ وَغَسَّاقٌ ...) يعني هذا العذاب لا بدّ أن يذوقوه ، وهو الماء الشّديد الحرارة ، والقيح الذي يخرج من القروح والدماميل.
٥٨ ـ (وَآخَرُ مِنْ شَكْلِهِ أَزْواجٌ ...) أي : ولهم مع ذلك العذاب عذاب آخر وهو في الشّدة مثل الأوّل ، وهو أصناف كثيرة.
٥٩ و ٦٠ ـ (هذا فَوْجٌ مُقْتَحِمٌ مَعَكُمْ ...) أي يقال لهم : هذا فوج ، وهم قادة الضّلالة إذا دخلوا النّار ، ثم يدخل الأتباع فيقول الخزنة للقادة : هذا فوج ، أي طائفة من الناس ، وهم الأتباع داخلون معكم في النار وهم يدعّون دعّا. (لا مَرْحَباً بِهِمْ) دعاء من المتبوعين على أتباعهم أي : لا سعة عليهم ولا فرح بهم (إِنَّهُمْ صالُوا النَّارِ) أي داخلوها مثلنا. (قالُوا بَلْ أَنْتُمْ لا مَرْحَباً بِكُمْ) أي الأتباع قالوا للقادة والرّؤساء : بل أنتم أحقّ بما قلتم لضلالكم وإضلالكم إيّانا (أَنْتُمْ قَدَّمْتُمُوهُ لَنا) أي هذا العذاب صيّرتموه لنا بحملكم إيّانا على العمل الذي هذا جزاؤه (فَبِئْسَ الْقَرارُ) أي أن جهنّم بئس المقرّ لنا ولكم.
٦١ ـ (قالُوا ...) أي أن الأتباع اشتكوا من المتبوعين أيضا ودعوا عليهم بقولهم (رَبَّنا مَنْ قَدَّمَ لَنا هذا) الموجب للعذاب (فَزِدْهُ عَذاباً ضِعْفاً) إلخ. أي مكرّرا ومضاعفا وهو عذاب الضلال والإضلال.