١٩ إلى ٢٣ ـ (وَما يَسْتَوِي الْأَعْمى وَالْبَصِيرُ وَلَا الظُّلُماتُ وَلَا النُّورُ ...) أي لا يتساوى الكافر والمؤمن أو الأعمى عن طريق الحق والذي يهتدي إليه ولا ظلمات الشرك والضّلال ونور الإيمان والهداية قيل : هو عطف على قوله السابق : وما يستوي البحران. وقيل : الظاهر أنه عطف على قوله : وإلى الله المصير ، تعليل في صورة التمثيل لعدم مساواة هؤلاء المتزكين لأولئك المكذبين. (وَلَا الظِّلُّ وَلَا الْحَرُورُ) أي الحق والباطل أو الجنّة والنار. (وَما يَسْتَوِي الْأَحْياءُ وَلَا الْأَمْواتُ) يعني المؤمنين والكافرين. وقيل العلماء والجهّال. (إِنَّ اللهَ يُسْمِعُ مَنْ يَشاءُ) أي ينفع بالإسماع من يشاء أن يلطف به ويوفقه إلى هدايته. (وَما أَنْتَ بِمُسْمِعٍ مَنْ فِي الْقُبُورِ) أي أنك يا محمد لا تقدر أن تنفع الكفّار وتهديهم إلى الإيمان بإسماعك إياهم الآيات والعظات إذ لم يقبلوا منك ، كما أنك لا تقدر أن تنفع الأموات بالآيات والبراهين. (إِنْ أَنْتَ إِلَّا نَذِيرٌ) أي ما أنت إلا مخوّف لهم من الله.
٢٤ ـ (إِنَّا أَرْسَلْناكَ) ... (وَإِنْ مِنْ أُمَّةٍ ...) أي لا تكون أمة في أيّ عصر من الأعصار إلّا وقد أتممنا عليها الحجة بإرسال رسول إليها.
٢٥ و ٢٦ ـ (وَإِنْ يُكَذِّبُوكَ فَقَدْ كَذَّبَ ...) إلخ هذه الكريمة تسليمة للنبيّ (ص) فقد كذّب السابقون بالحجج الواضحة والكتب السماوية (وَبِالْكِتابِ الْمُنِيرِ) الواضح (فَكَيْفَ كانَ نَكِيرِ) أي إنكاري بعقوبتهم وتدميرهم.
٢٧ ـ (أَلَمْ تَرَ ... وَمِنَ الْجِبالِ جُدَدٌ ...) أي ذوات جدد ، خطط وطرائق (مُخْتَلِفٌ أَلْوانُها) أي ثمرات مختلفة الألوان (وَغَرابِيبُ سُودٌ) أي ومنها ما هي شديدة السّواد لا خطط فيها.
٢٨ ـ (وَمِنَ النَّاسِ وَالدَّوَابِّ وَالْأَنْعامِ مُخْتَلِفٌ أَلْوانُهُ كَذلِكَ ...) أي كاختلاف الثّمار والجبال تختلف ألوان الناس والدوابّ والأنعام. (إِنَّما يَخْشَى اللهَ مِنْ عِبادِهِ الْعُلَماءُ) أي لا يخاف الله حق خوفه ولا يحذر معاصيه حق الحذر إلا الذين يعرفونه حق معرفته وهم العلماء ، وقبلهم الأنبياء والأوصياء (ع). (إِنَّ اللهَ عَزِيزٌ غَفُورٌ) فهو تعالى غالب في الانتقام ، وغفور للتّائب عن عصيانه. وما ذكره سبحانه في هذه الآية «حجة أخرى على التوحيد وهو أن الله سبحانه ينزل الماء من السماء بالأمطار وهو أقوى العوامل المعينة لخروج الثمرات ولو كان خروجها عن مقتضى طباع هذا العامل وهو واحد لكن جميعها ذا لون واحد فاختلاف الألوان يدل على وقوع التدبير الإلهي».
٢٩ و ٣٠ ـ (إِنَّ الَّذِينَ يَتْلُونَ كِتابَ اللهِ ...) أي يقرءون القرآن أو يتّبعونه بالعمل بما فيه (وَأَقامُوا الصَّلاةَ) يحتمل أن يكون المراد هو قراءة القرآن فيها فأثنى سبحانه عليهم بذلك. (وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقْناهُمْ) إلخ أي أعطوا في سبيل الله مما ملكناهم التصرف فيه حال سرهم وحال علانيتهم (يَرْجُونَ تِجارَةً لَنْ تَبُورَ) أي راجين بذلك عوضا لا يكسد ولا يفنى وهو الثواب. (لِيُوَفِّيَهُمْ أُجُورَهُمْ) أي ينفقون أموالهم لوجهه تعالى لأجل أن يوفّيهم الله أجور أعمالهم فيعطيهم إياها تامّة كاملة (وَيَزِيدَهُمْ مِنْ فَضْلِهِ) أي ليزيد على ما يقابل أعمالهم من جوده وكرمه ، (إِنَّهُ غَفُورٌ) لفرطاتهم (شَكُورٌ) لطاعاتهم ومجازيهم عليها جزاء موفورا.