٦٨ ـ (وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ ... يَلْقَ أَثاماً ...) أي يرى ويلاقي جزاء إثمه وقيل : أثاما واد في جهنم. وحيث إن أصول الشرك والوثنية لا تجيز دعاءه تعالى وعبادته أصلا لا وحده ولا مع أوثانهم وإنما توجب دعاء أوثانهم آلهتهم وعبادتها ليقرّبوهم إلى الله زلفى ويشفعوا لهم عنده ، كان لا بد من أن يكون بدعائهم مع الله إلها آخر إما التلويح إلى أنه تعالى إله مدعو بالفطرة على كل حال فدعاء غيره دعاء لإله آخر معه وإن لم يذكر الله ، أو أنه سبحانه ثابت في نفسه سواء دعي غيره أم لا ، فالمراد بدعاء غيره دعاء إله آخر مع وجوده ، وبتعبير آخر : تعديه إلى غيره.
٦٩ ـ (يُضاعَفْ لَهُ الْعَذابُ ... وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهاناً ...) أي يعذّب بأنواع العذاب في الآخرة ويقيم فيه أبدا في غاية التحقير.
٧٠ ـ (إِلَّا مَنْ تابَ ... يُبَدِّلُ اللهُ سَيِّئاتِهِمْ حَسَناتٍ ...) أي إلا من تاب من ذنبه وآمن بربه وعمل عملا صالحا فيما بينه وبين الله فهؤلاء يمحو السيئة عنه ويثبت له بدلها حسنة. وقد أخذ في المستثنى التوبة والإيمان والعمل الصالح ، أما التوبة وهي الرجوع عن المعصية وأقل مراتبها الندم ، فلو لم يتحقق لم ينزع العبد عن المعصية ولم يزل مقيما عليها ، وأما إتيان العمل الصالح فهو مما تستقر به التوبة وتكون نصوحا.
٧١ ـ (وَمَنْ تابَ وَعَمِلَ صالِحاً فَإِنَّهُ يَتُوبُ إِلَى اللهِ مَتاباً ...) أي يرجع إلى الله بذلك مرجعا مرضيّا دافعا للعقاب جالبا للثواب.
٧٢ ـ (وَالَّذِينَ لا يَشْهَدُونَ الزُّورَ ...) أي لا يحضرون محاضر الباطل ، أو لا يقيمون شهادة الكذب. (وَإِذا مَرُّوا بِاللَّغْوِ) أصل اللغو هو الفعل أو القول الذي لا فائدة فيه ، (مَرُّوا كِراماً) أي معرضين عنه مكرمين أنفسهم عن الخوض فيه معهم.
٧٣ ـ (وَالَّذِينَ إِذا ذُكِّرُوا بِآياتِ رَبِّهِمْ ...) أي القرآن أو الوعظ (لَمْ يَخِرُّوا عَلَيْها صُمًّا وَعُمْياناً) أي لم يكبّوا عليها غير منتفعين بها كالصّمّ والعميان ، بل يكبّون عليها وأعين لها متبصّرين ما فيها.
٧٤ ـ (وَالَّذِينَ يَقُولُونَ ... قُرَّةَ أَعْيُنٍ ...) بأن نراهم موفّقين مطيعين لك ، وقرّت عينه تقرّ : سرّت. وقيل : أصله من القرّ أي البرد ، فقرّت عينه ، قيل : معناه بردت فصحّت. وقيل : بل لأن للسرور دمعة باردة قارة والحزن دمعة حارة ولذلك يقال لمن يدعى عليه : اسخن الله عينه. وقيل : هو من القرار ، والمعنى : أعطاه الله ما يسكن به عينه فلا تطمح إلى غيره. (وَاجْعَلْنا لِلْمُتَّقِينَ إِماماً) أي اجعلنا ممّن يقتدي بنا المتقون. وقيل : اجعلنا نقتدي بمن قبلنا من المتّقين فيقتدي المتقون بنا من بعدنا.
٧٥ و ٧٦ ـ (أُوْلئِكَ يُجْزَوْنَ الْغُرْفَةَ ...) أي أعلى منازل أهل الجنة (بِما صَبَرُوا) أي بسبب صبرهم على الطاعات وعن المعاصي ولكن لا يمكن إغفال الصبر عند النوائب والشدائد تسليما لأمر الله سبحانه. (وَيُلَقَّوْنَ فِيها تَحِيَّةً وَسَلاماً) أي يعطون في الجنة ، كل قول يسرّ ولك بشارة لهم بعظيم الثواب.
٧٧ ـ (قُلْ ما يَعْبَؤُا بِكُمْ رَبِّي لَوْ لا دُعاؤُكُمْ ...) أي ما يصنع بكم ، أو لا يكترث بكم ، لو لا تضرعكم إليه إذا مسّكم الضر أو أصابكم السوء (فَقَدْ كَذَّبْتُمْ) بما أخبرتكم به حيث خالفتموه (فَسَوْفَ يَكُونُ لِزاماً) أي لازما لكم جزاء تكذيبكم في الآخرة.