٢٨ ـ (فَإِنْ لَمْ تَجِدُوا فِيها أَحَداً ...) يأذن لكم (فَلا تَدْخُلُوها) لأنه ربما كان فيها ما لا يجوز أن تطّلعوا عليه (حَتَّى يُؤْذَنَ لَكُمْ) أي حتى يأذن لكم ربّ البيت في ذلك. (وَإِنْ قِيلَ لَكُمُ ارْجِعُوا
فَارْجِعُوا هُوَ أَزْكى لَكُمْ) أي إن طلب منكم الانصراف فانصرفوا بلا إلحاح منكم بالدخول
فهو أطهر لكم وأقرب إلى أن تصيروا أزكياء (وَاللهُ بِما
تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ) لا يخفى عليه شيء من أعمالكم فيجازيكم بها.
٢٩ ـ (لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ أَنْ
تَدْخُلُوا بُيُوتاً غَيْرَ مَسْكُونَةٍ ...) كالرّبط والحوانيت فيجوز لكم الدخول فيها بغير استئذان (فِيها مَتاعٌ لَكُمْ) أي للاستمتاع بها كالتحفظ من الحر والبرد إلخ. وربما قيل :
ـ كما في تفسير الميزان ـ إن المراد بالمتاع المعنى الاسمي ، وهو الأثاث والأشياء
الموضوعة للبيع والشراء كما في بيوت التجارة والحوانيت ، فإنها مأذونة في دخولها
إذنا عاما ، ولا يخلو من بعد لقصور اللفظ. (وَاللهُ يَعْلَمُ ما
تُبْدُونَ وَما تَكْتُمُونَ) أي مطلع على سركم وجهركم ونواياكم.
٣٠ ـ (قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ
أَبْصارِهِمْ ...) عمّا يكون محرّما عليهم النظر إليه فإن النظر بريد الزنا. (وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ) يستروها من النظر المحرّم وقيل : عمن لا يحل لهم وعن
الفواحش. (ذلِكَ أَزْكى لَهُمْ) أي أطهر وأنفع لهم (إِنَّ اللهَ خَبِيرٌ
بِما يَصْنَعُونَ) أي بما يصدر عن أبصارهم وفروجهم وجميع جوارحهم.
٣١ ـ (وَقُلْ لِلْمُؤْمِناتِ يَغْضُضْنَ مِنْ
أَبْصارِهِنَّ ...) إلخ أمر النساء بما أمر به الرجال من غض البصر وحفظ الفرج.
فلا يجوز لهن النظر إلى ما لا يجوز النظر إليه ويجب عليهن ستر العورة عن الأجنبي
والأجنبية. (وَلا يُبْدِينَ
زِينَتَهُنَ) أي لا يظهرن مواضع الزينة لغير المحرم ومن هو في حكمه (إِلَّا ما ظَهَرَ مِنْها) قيل : الزينة الظاهرة الكحل والخاتم ، وقيل : هي الثياب. وقيل
: الوجه والكفان. (وَلْيَضْرِبْنَ
بِخُمُرِهِنَّ عَلى جُيُوبِهِنَ) الخمر جمع خمار وهو الذي تستر المرأة به رأسها ورقبتها. أمرهن
سبحانه بإلقاء خمرهن على صدورهن تغطية لنحورهن. (وَلا يُبْدِينَ
زِينَتَهُنَ) الإبداء : هو الإظهار ، والمراد بزينتهن : مواضع الزينة.
كرّره مقدّمة لبيان من يحلّ له الإبداء ومن لا يحلّ ، ومن يحلّ هم الذين استثناهم
الله تعالى بقوله (إِلَّا
لِبُعُولَتِهِنَ) أي أزواجهن إلى قوله : (أَوِ الطِّفْلِ
الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا) الآية ، والمراد بقوله (أَوْ نِسائِهِنَ) يعني المؤمنات فلا يتجرّدن للكافرات ، وقيل إن الأمة إذا
كانت مملوكة لا بأس أن تتجرّد السيّدة المالكة لها عندها ولو كانت كافرة لقوله (أَوْ ما مَلَكَتْ أَيْمانُهُنَ أَوِ
التَّابِعِينَ غَيْرِ أُولِي الْإِرْبَةِ) والمراد بالتابعين هم الذين يتبعون الناس ويدخلون معهم
البيوت لفضل طعام أو ما يحتاجون إليه ، ولا حاجة لهم إلى النساء لهرم أو بله أو
جنون وأمثالهم (أَوِ الطِّفْلِ
الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلى عَوْراتِ النِّساءِ) أي أن الطفل إذا كان بحيث لم يعرف العورة ولم يميّزها
لقلّة سنّة وعدم بلوغه حدّ الوطء فلا بأس بتجرد المرأة عنده. (وَلا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَ) إلخ على الأرض حين المشي ليتبين خلخالها أو تسمع قعقعته. (وَتُوبُوا إِلَى اللهِ جَمِيعاً
أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) أي تفوزون بسعادة الدارين.