١٠٣ ـ (وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّهُمْ يَقُولُونَ
...) إلخ. أي يضيفون إليه التعليم على يد (أَعْجَمِيٌ) أي غير فصيح وفي تفسير القمي ، لسان الذي يلحدون إليه هو
لسان أبي فكيهة مولى ابن الحضرمي كان أعجمي اللسان وكان قد اتبع النبي (ص) وآمن به
وكان قبل ذلك من أهل الكتاب ، وقيل : إنه كان روميا ، فقالت قريش : هذا والله يعلم
أحمد ، علّمه بلسانه. (وَهذا لِسانٌ
عَرَبِيٌّ مُبِينٌ) أي فصيح ذو بيان.
١٠٤ ـ (إِنَّ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِآياتِ
اللهِ ...) يعني بهم الكفرة والمشركين الّذين لم يقتنعوا بدلائل الله
وبراهينه ، فإن الله تعالى (لا يَهْدِيهِمُ اللهُ) لأنهم ليسوا مستحقّين لعنايته ورحمته بسبب عنادهم الشديد (وَلَهُمْ) في الآخرة (عَذابٌ أَلِيمٌ) وجيع.
١٠٥ ـ (إِنَّما يَفْتَرِي الْكَذِبَ الَّذِينَ
لا يُؤْمِنُونَ ...) أي أنكم أيها المتّهمون رسولنا (ص) بالافتراء علينا ، أنتم
أهل الافتراء والكذب لأنكم لا تصدّقون (بِآياتِ اللهِ) وأنتم أهل الكذب والافتراء.
١٠٦ ـ (مَنْ كَفَرَ بِاللهِ مِنْ بَعْدِ
إِيمانِهِ ...) أي من ارتد عن الإسلام فهو في معرض غضب الله وسخطه ، (إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ
مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمانِ) أي إلا إذا نطق بكلمة الكفر على وجه التقية مكرها وقلبه
ثابت على الإيمان ساكن إليه. وقد نزلت في عمار بن ياسر. (وَلكِنْ مَنْ شَرَحَ بِالْكُفْرِ
صَدْراً فَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ مِنَ اللهِ) أي ولكن من اتسع قلبه للكفر وطابت نفسه به فله العذاب
الشديد في الآخرة (وَلَهُمْ عَذابٌ
عَظِيمٌ). وقد أكره جماعة على الارتداد في بدء الدعوة الإسلامية ،
منهم عمار بن ياسر وأبواه ، فقتل عتاة قريش أبويه لإصرارهما على التوحيد ، وأعطاهم
عمار بلسانه ما أرادوا مكرها ، فقال قوم : كفر عمار ، فقال (ص) : كلّا ، إنّه مليء
إيمانا من قرنه إلى قدمه ، واختلط الإيمان بلحمه ودمه ، فأتاه عمار يبكي ، فمسح (ص)
عينيه بيده الشريفة وقال له : إن عادوا لك فعد لهم. فنزلت الآية الشريفة
١٠٧ ـ (ذلِكَ بِأَنَّهُمُ اسْتَحَبُّوا
الْحَياةَ الدُّنْيا ...) أي آثروها (عَلَى الْآخِرَةِ) إلخ : وغرّتهم زهرتها وبهجتها لكفرهم بالآخرة ، فحرمهم
الله تعالى هدايته وعنايته.
١٠٨ ـ (أُولئِكَ الَّذِينَ طَبَعَ اللهُ عَلى
قُلُوبِهِمْ ...) ختم عليها حتى لا يدركوا قول الحق (وَسَمْعِهِمْ) كيلا يسمعوا كلام الحق (وَأَبْصارِهِمْ) إلخ. لئلا يشاهدوا الآيات الدالة على الحق فامتنعوا على
الاعتراف بالحق بتاتا وضيّعوا أعمارهم بصرفها في ما يفضي إلى العذاب الدائم
بغفلتهم عن سوء المصير.
١٠٩ ـ (لا جَرَمَ أَنَّهُمْ فِي الْآخِرَةِ
هُمُ الْخاسِرُونَ) : مرّ تفسيرها.
١١٠ ـ (ثُمَّ إِنَّ رَبَّكَ لِلَّذِينَ
هاجَرُوا ...) أي وكذلك الذين هاجروا من مكة هربا من جور عتاة قريش (مِنْ بَعْدِ ما فُتِنُوا) أي بعد أن عذّبوا واختبروا كعمّار وغيره. (ثُمَّ جاهَدُوا وَصَبَرُوا) على الآلام والمشقّات التي لاقوها من الكفار (إِنَّ رَبَّكَ مِنْ بَعْدِها) من بعد ذلك العذاب وتلك المشقّات (لَغَفُورٌ) متجاوز عما فعلوا من قبل وهو خبر إن الأولى والثانية
جميعا. ونظيره كثير في القرآن. (رَحِيمٌ) رؤف بهم.