٨٨ ـ (الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ
سَبِيلِ اللهِ) : أي منعوا عن الإسلام وحملوا النّاس على الكفر (زِدْناهُمْ عَذاباً فَوْقَ الْعَذابِ
بِما كانُوا يُفْسِدُونَ) أما أصل العذاب ، فلكفرهم ، وأما الزيادة فللصّدّ لأنهم
مفسدون.
٩ ـ (وَيَوْمَ نَبْعَثُ فِي كُلِّ أُمَّةٍ
شَهِيداً عَلَيْهِمْ مِنْ أَنْفُسِهِمْ ...) أي من الأئمة (وَجِئْنا بِكَ
شَهِيداً عَلى هؤُلاءِ) أي على قومك وأمّتك ، وإنما أفرده بالذكر تكريما وتشريفا
له. وقيل : إن الأئمة شهداء على الناس ، ونبينا صلوات الله وسلامه عليه شهيد على
الأئمة ، والأنبياء يكونون شهداء على أممهم. (وَنَزَّلْنا عَلَيْكَ
الْكِتابَ) أي القرآن (تِبْياناً لِكُلِّ
شَيْءٍ) أي بيانا بليغا لكلّ أمر ومشكل ممّا يحتاج الخلق إليه في أمر
دينهم إما بالتنصيص عليه تفصيلا أو إجمالا ، أو بالإحالة إلى ما يوجب العلم ، من
بيان نبي أو من يقوم مقامه من الأوصياء ، أو إجماع الأمة ، فيكون حكم الجميع
مستفادا من القرآن. (وَهُدىً وَرَحْمَةً) أي القرآن دالّ على الرّشد والنّعمة (وَبُشْرى لِلْمُسْلِمِينَ) أي بشارة لهم بالثواب الدّائم.
٩٠ ـ (إِنَّ اللهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ
وَالْإِحْسانِ ...) أي الإنصاف التامّ (وَإِيتاءِ ذِي
الْقُرْبى) لعلّ المراد به صلة الرّحم (وَيَنْهى عَنِ
الْفَحْشاءِ وَالْمُنْكَرِ) أي ما جاوز حدود الله (وَالْبَغْيِ) أي التطاول على الناس بغير حق ، أو الكبر وروي بأن الفحشاء
والمنكر والبغي ، فلان وفلان وفلان ، وقيل : لو لم يكن في القرآن إلا هذه الآية
لصدق عليه أنه تبيان لكل شيء (يَعِظُكُمْ
لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ) أي يعظكم بما تضمنته هذه الآية من مكارم الأخلاق لكي
تتفكروا وترجعوا إلى الحق.
٩١ ـ (وَأَوْفُوا بِعَهْدِ اللهِ ...) إلخ. أي ما يجب الوفاء به أو البيعة للرّسول (بَعْدَ تَوْكِيدِها) أي بعد الحلف والتوثيق باسم الله تعالى إذ جعلتموه (عَلَيْكُمْ كَفِيلاً) أي شهيدا بالوفاء (إِنَّ اللهَ يَعْلَمُ
ما تَفْعَلُونَ) من النّقض أو الوفاء.
٩٢ ـ (وَلا تَكُونُوا كَالَّتِي نَقَضَتْ
غَزْلَها مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ ...) أي كالمرأة التي أفسدت ما غزلته من بعد أن أحكمته (أَنْكاثاً) هو ما ينكث فتله أي يحلّ نسجه ، جمع : نكث بالكسر. (تَتَّخِذُونَ أَيْمانَكُمْ دَخَلاً) أي خيانة وخديعة. (أَنْ تَكُونَ أُمَّةٌ) أي لأن تكون جماعة (هِيَ أَرْبى مِنْ
أُمَّةٍ) أي أكثر من أخرى. أي لا تنقضوا العهد بسبب أن تكون جماعة
وهم كفرة قريش أزيد عددا وأوفر مالا من جماعة المؤمنين. (إِنَّما يَبْلُوكُمُ اللهُ بِهِ) أي يختبركم بكونكم أربى لينظر وفاءكم بعهده أو تفتخرون
بكثرة قريش وثروتهم وقلة المؤمنين وفقرهم (وَلَيُبَيِّنَنَّ
لَكُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ) إلخ. أي وليفصلنّ لكم يوم القيامة ما كنتم تختلفون في صحته
فيعرف الحق من الباطل.
٩٣ ـ (وَلَوْ شاءَ اللهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً
واحِدَةً ...) أي لو اقتضت الحكمة أن يجعلكم أمة إسلامية لكان قادرا ،
والمراد المشيئة الإلجائيّة (وَلكِنْ يُضِلُّ مَنْ
يَشاءُ) أي يخذل من يشاء من الّذين رأوا الآيات الواضحة ومع ذلك
جحدوا واختاروا الكفر والضلالة بسوء اختيارهم (وَيَهْدِي مَنْ
يَشاءُ) بلطفه وكرمه ممّن كان من أهله فيوفّقه ويؤيّده لتحصيل
الهداية واختيارها من دون إلجاء إلى هذا أو ذاك. (وَلَتُسْئَلُنَّ
عَمَّا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ) سؤال مجازاة وتقريع والغلبة بالحجّة.