٥٥ ـ (لِيَكْفُرُوا بِما آتَيْناهُمْ ...) أي كأنهم قصدوا بشركهم كفران نعمة كشف الضرّ وإنكار كونها منه تعالى جحدا أو جهلا (فَتَمَتَّعُوا فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ) أمر تهديد ووعيد.
٥٦ ـ (وَيَجْعَلُونَ لِما لا يَعْلَمُونَ ...) أي لأصنامهم التي لا علم لها ولا حس ولا شعور لأنها مجرد جماد لا يضر ولا ينفع. (نَصِيباً مِمَّا رَزَقْناهُمْ) من الزرع والأنعام ، (تَاللهِ لَتُسْئَلُنَّ عَمَّا كُنْتُمْ تَفْتَرُونَ) أي عن أنها آلهة وأهل لأن يتقرّب إليها ، وقد أقسم سبحانه على ذلك.
٥٧ ـ (وَيَجْعَلُونَ لِلَّهِ الْبَناتِ ...) فقريش قالت : إن الملائكة بنات الله (سُبْحانَهُ) تنزيه له تعالى عمّا قالوه ويمكن أن تكون واردة مورد التعجب (وَلَهُمْ ما يَشْتَهُونَ) أي البنين.
٥٨ ـ (وَإِذا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِالْأُنْثى ...) إلخ. أي إذا أخبر بالأنثى صارت صورته متغيّرة إلى السواد من الحزن ومن الحياء من الناس (وَهُوَ كَظِيمٌ) ممتلئ غيظا وحنقا من أنه رزق بنتا.
٥٩ ـ (يَتَوارى مِنَ الْقَوْمِ ...) إلخ. أي يختفي من قومه وأهل بلده مخافة العار من الأنثى التي رزقها (أَيُمْسِكُهُ عَلى هُونٍ) أي يتركه على ذلّ وهوان (أَمْ يَدُسُّهُ فِي التُّرابِ) أي يئده ويدفنه في التراب كما كانت عادة بني تميم وبني مضر في الجاهلية. (أَلا ساءَ ما يَحْكُمُونَ) أي بئس حكمهم هذا جعلهم أولادا لربّهم المتنزّه عن الأولاد. وقيل معناه ساء ما يحكمونه من قتل البنات وعدم مساواتهن للبنين ولعل الجارية خير من الغلام. وروي عن ابن عباس : لو أطاع إله الناس الناس لما كان الناس ، لأنه ليس أحد إلا ويحب أن يولد له ولد ذكر ، فلو كان الجميع ذكورا لما كان لهم أولاد فيفنى النوع الانساني وينقرض.
٦٠ ـ (لِلَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ مَثَلُ السَّوْءِ ...) أي الصفة القبيحة كسواد الوجه حين بشّر بالأنثى ، والحزن والجهل ، وقتل البنات خشية الإملاق ، والذل وغير ذلك (وَلِلَّهِ الْمَثَلُ الْأَعْلى) وهي الصّفة الحسنة من وجوب وجوده الذاتي ، والغنى المطلق ، والجود العام وغير ذلك (وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ) مر معناه.
٦١ ـ (وَلَوْ يُؤاخِذُ اللهُ النَّاسَ بِظُلْمِهِمْ ...) إلخ. أي بكفرهم ومعاصيهم (ما تَرَكَ عَلَيْها) أي على وجه الأرض (مِنْ دَابَّةٍ) إلخ. ممن يستحق ذلك لأن البليّة إذا جاءت عمّت ولكن يمهلهم إلى وقت معلوم عنده هو يوم القيامة.
٦٢ ـ (وَيَجْعَلُونَ لِلَّهِ ما يَكْرَهُونَ ...) أي ما لا يحبّون لأنفسهم من البنات والشركاء وغيرهم (وَتَصِفُ أَلْسِنَتُهُمُ الْكَذِبَ) ومع ذلك تقول ألسنتهم الكاذبة (أَنَّ لَهُمُ الْحُسْنى) أي عند الله لهم المثوبة أو الجنّة. (لا جَرَمَ أَنَّ لَهُمُ النَّارَ) هذا ردّ لما كانوا يعتقدونه بزعمهم الفاسد وإثبات لضدّه (وَأَنَّهُمْ مُفْرَطُونَ) أي مقدّمون إلى النار ، وقيل : معذّبون.
٦٣ ـ (تَاللهِ لَقَدْ أَرْسَلْنا إِلى أُمَمٍ مِنْ قَبْلِكَ فَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطانُ) : أي فأصرّوا على قبائح أعمالهم وكفروا بالمرسلين (فَهُوَ وَلِيُّهُمُ الْيَوْمَ) إلخ. أي الشيطان ناصرهم ولا ناصر لهم غيره في الدنيا ومصاحبتهم في الآخرة.
٦٤ ـ (وَما أَنْزَلْنا عَلَيْكَ الْكِتابَ ...) خطاب للنبيّ (ص) أننا ما أنزلنا عليك القرآن (إِلَّا لِتُبَيِّنَ لَهُمُ) لتوضح للكافرين والمشركين كلّ (الَّذِي اخْتَلَفُوا فِيهِ) وتجعلهم على بيّنة من الأوامر. فهو لهذه الغاية (وَ) هو كذلك (هُدىً وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ) مرّ تفسيره مثله مكرّرا.